ومفكر، ودارس، ومعلم يبلغ عن الله ما جاء على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إن إعداد الدعاة ـ مهما تضخمت المناهج وتشعبت ـ يضل عاجزاً عن ربطهم ربطاً وثيقاً بمصدر الدين الأساسي طالما بقيت هذه الثغرة.. أعني هبوط المستوى اللغوي في هذا الإعداد.
(٣) إذا كانت ثقافة العصر تفرض نفسها على عقول الناس وتخلق فيها من المشكلات ما لم يكن في عقول السابقين فالضرورة قاضية بأن يلم الداعية بتيارات هذه الثقافة، ووزنها، وتمييز ما هو حق فيها وما هو باطل، ثم يسلح بأسلحة ملائمة للهجوم وللدفاع في معارك الفكر التي لا بد له أن يخوضها إذا كان يريد أو يراد له ـ حقاً ـ أن يؤدي رسالته على وجهها.
أصالة الثقافة بربطها بالمصدر الأول للإسلام، ومعاصرتها بالتفتح على ثقافات العصر وميادين المعرفة اليوم، كلاهما ضروري لداعية العصر، وإلا كان سطحياً غير عميق الجذور إذا فقد شرط الأصالة، أو منغلقاً ضيق الأفق إذا فقد شرط المعاصرة.
لقد حفل تاريخ الدعوة الإسلامية وتطورها بنماذج فريدة من ((الدعاة)) المدافعين عن الإسلام، تمكنوا من قديمهم، وتسلحوا بأسلحة عصرهم. فلم يتهيبوا ميدان النزال، بل اقتحموا وصالوا وجالوا، وغلبوا ورفعوا راية الحق عالية يقذفون الباطل من تحتها بقذائف لم تكن لتخطئ مقاتله..
إن هذا التاريخ ليذكر بالفخر والاعتزاز أمثال أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وابن حنبل رضوان الله عليهم. ويذر أمثال الحسن البصري وابن سيرين وأبي الحسن الأشعري. ويذكر الباقلاني، والغزالي، وابن رشد، ومن إليهم ممن كانوا حصونا ومعاقل تقف لترد عن الإسلام هجمات الطاعنين والمفترين. ويذكر ابن تيمية، وابن القيم، والشاطبي.. وابن كثير..
ويذكر في عصرنا الحديث محمد بن عبد الوهاب والأفغاني، ومحمد عبده، ورشيد رضا، والكواكبي، ممن كانوا شهبا راصدة تنقض على كل من يحاول النيل من الإسلام بالطعن والتشكيك.
إن العودة لكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، واستمداد مناهج إعداد الدعاة منهما مباشرة، وتمكين الأساس اللغوي للدعاة، هو نقطة بدأ لا بد من التفكير فيها تفكيراً عميقاً، ومخلصاً، ووثقاً من أن ذلك