للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عبد الله الزغل لغرناطة بينما كانت هذه المدينة الإسلامية في حالة احتضار ومحاصرة حصارا شديدا من جيوش الملوك الكاثوليك فضاعت الأندلس وضاع الأمراء.. إن هذا الصراع ليس في الحقيقة إلا نوعا من الإنتحار وجريمة من أمهات الكبائر التي لا تغتفر.

لقد مرت بالدعوة الإسلامية فترات من المحن القاسية ولكن أعني محنة عانتها هذه الدعوات هو الإنشقاق الداخلي الذي شل نشاطها وأخمد جذوتها وسلب عنها كثيرا من الفاعلية والنجاعة وما زالت مضاعفات هذه المحن الداخلية تلاحق الدعوات وتعرقل سيرها.

إن ما بيناه من معوقات الدعوة الإسلامية والحيلولة دون انطلاقها، قبل كل شيء في الداخل أمور مسلمة وهناك معوقات أخرى رئيسية أو ثانوية يدركها كل من زاول الدعوة إلى الإسلام.

فما العلاج؟ إنني أستبعد موقف التهرب والإنزواء واليأس، فالداعي إلى الله دائما متفائل حتى لو كان في أحلك الظروف وأشد الأحوال ولذلك لابد من البحث الحثيث والدراسة المستفيضة لوضع خطط واقتراح سبل وأساليب للتغلب على هذه المعوقات والعقبات وتحويل بعضها إلى عوامل دعم وقوة ومساعدة.

ومما يزيد في تفاؤلنا هذه التباشير التي تنطوي على ارهاصات بأن المستقبل للإسلام، ومن هذه الارهاصات الخارجية والداخلية.

(١) الإفلاس الحضاري الذي يتمثل في الجفاف الروحي والتعفن الخلقي والتمزق الأسري والإضطرابات الإقتصادية والفوضى الفكرية مما أوجد تيها وضياعا بالإضافة إلى اصرار الغرب والشرق معا على ظلم الشعوب واستغلالها والحيلولة دون انعتاقها من ربقة التبعة مما جرد هذه الحضارة بشقيها من أهلية القيادة، ورغم ما يبدو من محاولات جبارة للانقاذ فإن الأمور لا تعدو أن تكون صحوة المحتضر.

(٢) أما في الداخل فهناك افلاس شامل ومذهل لما استوردوه من مذاهب وايديولوجيات وما ابتدعوه من ترهات القومية وغيرها فقد تعرت حقائقها وانكشفت أهدافها أمام الشعوب الإسلامية بسرعة كبيرة بما جرته عليها من ويلات وما حققته من خيبات

<<  <   >  >>