للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا خلاف فيه بين السلف -رحمهم الله-، وعلى رأسهم الصحابة الكرام -رضوان الله عليهم-، وتحدى مخالفيه بأن يأتوا بحرف واحد عن القرون المفضلة يخالف ما ذكره وقرره فقال: «قد أمهلت كل من خالفني في شيء منها ثلاث سنين، فإن جاء بحرف واحد عن أحد من القرون الثلاثة التي أثنى عليها النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: (خير القرون القرن الذي بعثت فيه ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم)، يخالف ما ذكرته فأنا أرجع عن ذلك» (١). وجزم رحمه الله في مواضع أخرى بعدم وجود أي اختلاف بين الصحابة، في تأويل أي صفة عن مقتضاها الظاهر منها، حيث قال رحمه الله: «وأما الذي أقوله الآن وأكتبه -وإن كنت لم أكتبه فيما تقدم من أجوبتي، وإنما أقوله في كثير من المجالس-: أن جميع ما في القرآن من آيات الصفات، فليس عن الصحابة اختلاف في تأويلها، وقد طالعت التفاسير المنقولة عن الصحابة، وما رووه من الحديث، ووقفت من ذلك على ما شاء الله تعالى من الكتب الكبار والصغار أكثر من مائة تفسير، فلم أجد إلى ساعتي هذه عن أحد من الصحابة أنه تأول شيئاً من آيات الصفات، أو أحاديث الصفات بخلاف مقتضاها المفهوم المعروف» (٢).

وبالفعل فقد وقف القوم أمام هذا التحدي من شيخ الإسلام موقف العجز والضعف، فلم يستطيعوا الإتيان بشيء من ذلك في المجلس الأول الذي تحداهم فيه شيخ الإسلام، وطلبوا عقد مجلس آخر لعلهم أن يظفروا بشيء من ذلك ليواجهوا به الشيخ، فلما كان المجلس الثاني، جاءوا له ببعض ما ظنوه حججاً تبطل ما ادعاه شيخ الإسلام، فأظهر شيخ الإسلام -كما سيتضح- بطلان ما استدلوا به، وسوء فهمهم لنصوص الصفات، وما جاء عن السلف في تفسيرها، وغاية ما استدلوا به في هذه المناظرة -كما بين شيخ الإسلام- أمران اثنان:


(١) المناظرة الواسطية ضمن مجموع الفتاوى (٣/ ١٦٩).
(٢) مجموع الفتاوى (٦/ ٣٩٤).

<<  <   >  >>