للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في الحقيقة، وإما أن يكون اللازم صحيحاً، ولكنه غير منتف في حق الله سبحانه.

فمن الطريقة الأولى وهي إبطال اللازم:

إبطال قولهم: إن كل مرئي يلزم أن يكون مركباً من أجزاء، أو مجتمعاً بعد تفرق، فهذا في الحقيقة ليس لازماً من لوازم الرؤية، ولا يصح أن يكون كذلك، وذلك من وجهين:

الأول: أن يقال ما مرادك بالتركيب والاجتماع اللازم للرؤية؟

إن كان المراد: أن من لازم ما تصح رؤيته أن يكون مركباً من أجزاء يجوز تفرقها، فهذا باطل وليس بلازم؛ وذلك لأن ليس كل ما نشاهده يكون كذلك.

وأبسط مثال على ذلك هذه السماوات مرئية مشهودة ولا نعلم أنها كانت متفرقة فاجتمعت، وكذلك الشمس والقمر هي شيء واحد لا نعلم -لا بحس ولا ضرورة- أنها مركبة من الأجزاء المفردة، ومع ذلك فهي مرئية مشاهده!

وإن كان المراد بالمركب: أن منه شيئاً ليس هو الشيء الآخر، فنحن نقول كل ما يرى في الشاهد والغائب لابد وأن يكون كذلك (١).

الثاني: أن يقال: إذا جاز أن نرى ما هو مجتمع ويقبل التفريق والتقسيم، فرؤية ما لا يقبله أولى وأجدر؛ فكلما كان وجود الشيء أكمل كلما كانت رؤيته أجوز وأمكن (٢).

فتبين بهذا بطلان أن يكون التركيب من لوازم الرؤية، وهذه هي المقدمة الأولى؛ وإذا بطلت أولى المقدمتين بطلت الأخرى، وبطلت النتيجة المترتبة عليهما.

ومن إبطال المقدمة الثانية:

إبطال قولهم: بأن من لازم الرؤية المعاينة، وكون المرئي في جهة.


(١) انظر: بيان تلبيس الجهمية (٤/ ٤٧٩ - ٤٨٠).
(٢) انظر: درء تعارض العقل والنقل (١/ ٢٥١)، بيان تلبيس الجهمية (٤/ ٤٨٠).

<<  <   >  >>