للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ظنا منه أنهما في المعنى سواء كما يفهمه عامة المغاربة، وقد علمت من مصاحبتي للشيخ أحمد سكيرج وهو من كبار المقدمين في الطريقة التجانية وكنت في ذلك الوقت تجانيا لا يخفى علي سرا، أن هذه الصلاة وجدت لأول أمرها عند شخص يسمى محمد بن العربي التازي ويسميه التجانيون الواسطة المعظم لأنه بزعمهم كان واسطة بين النبي صلى الله عيه وسلم وبين الشيخ أحمد التجاني يحمل الرسائل من الشيخ إلى النبي ومن النبي إلى الشيخ وفي ذلك الوقت وقت الوساطة لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يظهر للشيخ التجاني وإنما كان يظهر لمحمد بن العربي وزعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للواسطة محمد بن العربي لولا محبتك لحبيبي التجاني ما رأيتني وكان الواسطة يُخبر الشيخ التجاني بأنه إذا جاء الوقت الموعود يظهر النبي صلى الله عليه وسلم له بلا واسطة يُحدِّثه ويُكلِّمه وسنذكر شيئا من الرسائل التي أملاها النبي صلى الله عليه وسلم على محمد بن العربي وأمره بكتابتها ليحملها إلى الشيخ التجاني ويقرأها عليه وحينئذ لا يبقى عندك شك بجهل هذا الرجل بالعربية وأنه السبب في ركاكة هذه الصلاة التي هي من إنشائه، وقد تكلف أحمد أمين مؤلف كتاب الوسيط في تراجم أدباء شنقيط، فألف جزءا في دعوى صحة بناء أفعل التقضيل من المستقيم على أسقم بإثبات السين الزائدة وحذف عين الكلمة وهي الواو، وركِب في ذلك الصعب

والذلول ونقل عن علماء اللغة نقولا ظن أنها تؤيد ادعاءه وأخبرني الشيخ محمد بن أمين الحسني الشنقيطي أن صاحب الوسيط في آخر عمره تاب إلى الله من الطريقة التجانية وصار يخجل عندما يذكر له أحد أنه كان تجانيا وألف ذلك الجزء في الدفاع عن الأسقم، وهذا يزيدك أيضا أن الكلمة عامية مغربية وأنت إذا نظرت في كلمات هذه الصلاة من أولها إلى آخرها وجدتها في غاية البُعد عن الكلام الفصيح ولم تستبعد صدور الأسقم والمطلسم من مؤلفها وإذا ظهر السبب بطل العجب، وكل ما ذكروا في فضلها فهو كذب على الله ورسوله وحسب ما تقدم كذب على الشيخ التجاني أيضا، وما معنى قولهم لا يموت حتى يكون من الأولياء؟ فهل هو من أعداء الله الآن؟ وإذا داوم عليها يصير من أولياء الله وقد تقدم أن كل من لم يكن ولي الله وبلغته الدعوة فهو عدو الله، ومجيء النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الأربعة وجلوسهم أمام قارئها كذب نشأ عن بلادة، فإنْ كان مقصودهم بالأجساد فلا يرتاب أحد في أنه بهتان، ولا يصدقه عاقل، لأن الجسد لابد أن يرى بالعين ويلمس باليد، وأن كان مقصودهم أن أرواحهم تجيء فهو من بنات غيرهم لأنه لا دليل عليه وكيف تترك أرواحهم الطاهرة جنة الفردوس وتخرج منها ثم تجيء لتجلس أمام قوم جاهلين يشركون بالله ويستمدون من غيره {لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (٨٩) } . فسبحان الله كيف تمسخ عقول البشر، حتى تصل إلى هذه الدركة التي يتنزه عنها البقر، ومن يضل الله فما له من سبيل.

<<  <   >  >>