أبو نعيم في الحلية عن عروة بن الزبير مرسلا. اهـ الفيض ج ٣ ص ٤٩٣.
عود إلى حديث (أول ما خلق الله نوري) قال محمد تقي الدين بطلان هذا الحديث يظهر بأدنى تأمل فقد قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} وتكرر مثل هذا في القرآن في مواضع لا تحصى إلا بتعب؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم بشر من بني آدم؛ وآدم من تراب لا من نور فما هو هذا النور الذي ينسبونه إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ أهو روحه الشريفة أم جسمه؛ أم شيء آخر فالجسم كما تقدم من تراب؛ والروح جسم لطيف لا يعلم حقيقته إلا الله وقد جاء في كتاب الله تعالى تسمية النبي صلى الله عليه وسلم سراجا منيرا؛ وقال الله تعالى في سورة المائدة آية ١٥: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (١٥) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٦) } قال بعض المفسرين إن المذكور في أول الآية هو الرسول صلى الله عليه وسلم؛ وقال بعضهم هو القرآن؛ عطف الكتاب عطف تفسير كقول الشاعر:
ألا حبذا هند وأرض بها هند وهند أتى من دونها النأي والبعد
وتسمية النبي صلى الله عليه وسلم سراجا منيرا ونورا لا تقتضي أن يكون خارجا عن النوع البشري مخلوقا من النور لأن ذلك خلاف الواقع؛ وخلاف نص القرآن؛ إنما سماه الله سراجا منيرا؛ تشبيها لما أتاه من العلم والهدى بالنور؛ وتشبيها لظلمات الكفر والجهل بالظلمة الحسية فكما أن السراج يبين للناس الطريق المستقيم الذي يسلكونه آمنين مستبصرين لا يخافون ويوصلهم إلى غايتهم المرغوبة فكذلك الرسول صلى الله عليه وسلم بتعليمه وإرشاده وتزكيته لمن اتبعه شُبِّه بالسراج وبالنور الذي يحفظ متبعه من مهاوي الهلاك ولا معنى للنور إلا هذا.
[الفصل الثاني: في فضل المتعلقين بالشيخ أحمد التجاني]
اعلم أن التجانيين رووا عن شيخهم فضائل تحصل للمتعلقين به مصادمة للكتاب والسنة وإجماع الأمة وزعموا أن الشيخ التجاني كتب تلك الفضائل بيده وسلمها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وطلب منه أن يقرأها ويضمنها له فقرأها وضمنها له وقع ذلك يقظة لا مناما انظر صفحة ٤٤ من الجزء الثاني من الرماح. وهذه الفضائل زعموا أن الله يعطيهم إياها بسبب تعلقهم بشيخهم وسأسرد هنا هذه الفضائل وعددها ٣٩؛ أربع عشرة فضيلة تحصل لكل من اعتقد فيه الخير ولم يعترض على طريقه وكان محبا له ولأصحابه ولكل