الأولى: قول البيضاوي أولياء الله الذين يتولونه بالطاعة ويتولاهم بالكرامة إن كابن يريد بالكرامة أنه يكرمهم في الدنيا بتوفيقه وتأييده ولطفه وفضله وإحسانه وكثرة نعمه الحسية والمعنوية فهو صحيح وإن كان يريد بالكرامة ما اصطلح عليه المتكلمون أنه خرق العادة فهو غير صحيح لأن العادة تخرق للمحق والمبطل وللساحر والكاهن (والدجال الأصغر والأكبر) وللكفار، فإن قلت قوله تولوا الله بالطاعة يخرج من ذكرت أقواله لا يشترط في الوالي أن تجري على يديه خوارق العادة كما يريد المتأخرون أن يفهموه فإن اكثر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ترو عنهم خوارق مع أنهم أفضل أولياء الله وقد نقل غير واحد من المتصوفة عن الجنيد رحمه الله أنه قال إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء أو يطير في الهواء فلا تعتبروا ذلك شيئا حتى تعرضوا أقواله وأعماله على الكتاب والسنة فإن كانت موافقة فظُنوا به خيرا، وإن كانت مخالفة فظُنوا به شرا، ونقلوا عنه أيضا أنه قال: الاستقامة أفضل من ألف كرامة فإن الله لم يجعل لأوليائه علامة إلا الأيمان والتقوى.
الثانية: قول أبى بكر الأصم: (إن ولي الله لا يرى بقلبه غير الله) إن كان يريد بذلك أنه لا يرى أن أحدا يستحق العبادة غير الله فلا يرى أن هناك ربا غير الله ولا معطيا ولا مانعا ولا خافظا ولا رافعا ولا محييا ولا مميتا ولا متصرفا على الحقيقة في الدنيا والآخرة إلا الله فكلامه حق، وإن كان يريد أن الولي لا يرى وجودا إلا الله كما يقول أصحاب وحدة الوجود فهو باطل وهؤلاء زنادقة أخذوا هذه العقيدة الفاسدة المناقضة للكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة من فلاسفة الهند واليونانيين وذلك خلاف ما جاءت به أنبياء الله وكتب الله تعالى، ومن أقوالهم الباطلة، أعني أصحاب وحدة الوجود (من حد فقد ألحد) يعني من رأى هنالك ربا ومربوبا وعابدا ومعبودا وخالقا ومخلوقا فقد الحد وضل، لأن الوجود