للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المسألة الرابعة: محبة الكفار]

قال صاحب الجواهر ج١ص١٣٢: وسألته عن قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} فأجاب بما نصه: اعلم أن محبة الحق سبحانه تعالى لعبيده إما ما يعهده في محبة المخلوقات التي هي شدة الميل والشغف بالشيء حتى لا يجد عنه صبرا، وشدة الاشتياق إلى المحبوب عند فقده، والولوع به، حتى يذهب عن عقله هائما في حب المحبوب فهذه كلها مستحيلة في حق الله سبحانه وتعالى لا يتأتى في ذاته العلية أن يطرأ فيها ميل أو شغف أو شوق، إذ هو في مرتبة ذاته جلا وعلا في العلو الذاتي والكبرياء الذاتي والعز الكامل، والجلال الذي لا يوصف، ولا يكيف، وكل هذه الصفات من حيث ما هي هِي في الذات اقتضت أنْ لا يوجد شيء معه من الأكوان، لأن الكبرياء الذاتي والعز الذاتي في العلو الذاتي والجلال الذاتي تقتضي كلها غيرة من وجود غيره سبحانه وتعالى معه فضلا عن أن يلتفت إليه بمحبة أو شوق لما هو عليه من الصفات المذكورة، وفيها يقول سبحان هو تعالى (كنت كنزا لم أعرف) إذ هو في تلك الغيرة بوجود تلك الصفات يأنف من وجود غيره معه. اهـ

[وقفة مع هذا الحديث]

الذي يعتقده التجانيون أن شيخهم بلغ أعلى درجات القطبية ولم يبلغ أحد من الأقطاب منزلته كما تقدم، وقد تقدم مما نسبوه إلى شيخهم أنه قال: أن القطب الغوث الفرد هو الخليفة عن الله سبحانه وتعالى في جميع مملكته وهو الحامل للعالم كله، ولو غفل عن الكون طرفة عين لاندك الكون وصار محض العدم، فيلزم على ذلك أن يكون القطب عالما بكل ما يجري في كل ذرة من العالم بل من العالمين، ولا يجوز أن يكون جاهلا بشيء منها فلا يجوز عليه أبدا أن يجهل شيئا من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم التي يعرفها صبيان أهل الحديث فضلا عن علمائهم، فإن صح هذا الكلام عن الشيخ لزم أن يكون جاهلا بعلم الحديث فإنه ذكر هذا الحديث في مواضع كثيرة، واحتج به، فاسمعوا الآن أيها القراء ما قاله الحفاظ النقاد فيه، قال العجلوني في كشف الخفاء ما نصه:

(١) حديث (كنت كنزا لم أعرف، فأحببت أن أعرف فخلقت خلقا فعرفتهم بي فعرفوني) (١)


(١) قال ونصه عند شيخ الإسلام ابن تيمية، كنت كنزا لا أعرف، فأحببت أن أعرف فخلقت خلقا، فعرفتهم بي، فبي عرفوني.
انظر أحاديث القصاص لشيخ الإسلام ابن تيمية بتحقيق الأستاذ الفاضل محمد الصباغ.

<<  <   >  >>