يعدبان في كبير) (١) وبلى وما يعدبان إلا في الغيبة والبول، فهذا الحصر ينفي كونهما كانا كافرين،
لأن الكافر وإن عذب على ترك أحكام الإسلام فإنه يعذب على الكفر بلا خلاف اهـ.
[المسألة الخامسة عشرة]
قال صاحب الرماح صفحة (٣٢ ج ٢) ما نصه عن شيخ التجاني أن النبي أخبره بقوله عليه الصلاة والسلام بعزة ربي يوم الاثنين ويوم الجمعة لم أفارقك فيهما من الفجر إلى الغروب ومعي سبعة أملاك وكل من رآك في اليومين تكتب الملائكة اسمه في ورقة من ذهب ويكتبونه من أهل الجنة اهـ.
قال محمد تقي الدين: لا يستطيع أحد أن يعتقد هذا الخبر إلا إذا تجرد من العقل والدين والمروءة، لأن الله سبحانه وتعالى يقول في سورة الزخرف آية (٧٢) : {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٧٢) } ورؤية الشيخ ليست من العمل في شيء؛ ولم يثبت هذا للنبي صلى الله عليه وسلم بقرآن ولا حديث صحيح أو ضعيف؛ فإن الكفار والمنافقين كانوا يرونه كل يوم ولم ينفعهم ذلك فلا أنجاهم من عذاب اله؛ ولا جعلهم من أهل الجنة؛ بل دعاؤه لهم أخبر الله تعالى أنه لا ينفعهم قال الله تعالى في سورة التوبة آية (٨٠) : {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (٨٠) } .
(١) وتمام الحديث في جـ / ٥ صفحة ٢٦٦ من مسند الإمام أحمد بن حنبل، طبع المكتب الإسلامي هو: ((..عن أبي أمامة قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم في يوم شديد الحر نحو بقيع الغرقد، قال: فكان الناس يمشون خلفه، قال: فلما سمع صوت النعال وقر ذلك في نفسه، فجلس حتى قدَّمهم أمامه لئلا يقع في نفسه من الكبر؛ فلما مر ببقيع الغرقد إذا بقبرين قد دفنوا فيهما رجلين؛ قال: فوقف النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من دفنتم هنا اليوم؟ قالوا يا نبي الله فلان وفلان. قال: إنهما ليعذبان الآن ويفتنان في قبريهما. قالوا: يا رسول الله فيم ذاك؟ قال أما أحدهما فكان لا بتنزه من البول؛ وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة. وأخذ جريدة رطبة؛ فشقها؛ ثم جعلها على القبرين. قالوا: يا نبي الله؛ ولم فعلت؟ قال ليخففن عنهما. قالوا يا نبي الله؛ وحتى متى يعذبهما الله؟ قال: غيب لا يعلمه إلا الله؛ قال ولولا تمريغ قلوبكم أو تزيدكم في الحديث لسمعتم ما أسمع)) .