للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن هذه الألفاظ تعلم أن التجانيين من المعتقدين وحدة الوجود وبيان ذلك أن الوجود عندهم واحد، فالرب هو العبد والعبد هو الرب كما تقدم عن ابن عربي الحاتمي فإذا اعْتَبَرْتَ الصور والأشكال كالشمس والقمر والكواكب والإنسان وأنواع الحيوان والنبات والبُحور تسمِّي ذلك خلقا وإذا اعتبرت الهيولا وهي المادة التي منها أنشأت تلك الصور وإليها تعود بعد فنائها لتنشأ منها صور أخرى فتلك الهيولا عندهم هي الله، ومثََّل لِذلك ابن عربي بالخشب فهو مادة واحدة فإذا صَنَعتَ منه أشياء كسرير وخزانة وكرسي لم تخرج تلك الأشياء عن كونها خشبا بعد الصَّنْعَة وحُدوث الأشكال والصور صارت لها أسماء أخرى ولو لم يكن في الطريقة التجانية إلا هذا الاعتقاد لكان كافياً في ضلال أهلها.

كنت في القاهرة والإسكندرية ولم أظهر خروجي من الطريقة التجانية في سنة ١٣٤١هـ وكان الشيخ محمد الدادسي الأزهري يكرمني لاعتقاده أني تجاني، فكان يغسل رأسي مرة فقال هنيئا لكم معشر أهل البيت، وكان قد سألني عن نسبي، فأخبرته أن نسبنا ينتهي إلى الحسين بن علي، فقلت له: ولم هذه التهنئة قال لأنكم تدخلون الجنة قطعا، وقد حرم الله على النار أن تمس أجساد أهل البيت، فقلت له: وما الدليل على ذلك؟ فقال قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (٣٣) } فقلت: وهل هذا يدل على أن أهل البيت لا تمسهم النار، قال نعم بذلك فسرها الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي، فقلت له أن تفسيره غير صحيح لأنه يجعل أهل البيت خارجين عن الوعيد الوارد في كتاب الله وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي وسيدنا أحمد التجاني يوافقه على ذلك التفسير، فقلت له: فقلت وهل هو معصوم من الخطأ فتلوَّن وجهه وسكت، وأمسك عن غسل رأسي قبل أن يُتِمَّه، واعتبرني من ذلك الحين غير تجاني.

ومن الأحاديث التي يزعم التجانيون أن شيخهم نسبها إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن فاطمة أحصنت فرجها فحرم الله ذريتها على النار، وهذا الحديث باطل لما تقدم، لحديث الصحيحين الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم: (يا فاطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئت وأنقذي نفسك من النار لا أُغني عنك من الله شيئا) وقال مثل ذلك في عمته صفية وعمه العباس، والأسانيد التي روى بها الحديث المتقدم الذكر واهية من رواية الروافض، وقد ضعفها الأئمة، ولو لم يضعفوها لما كان في استطاعتها أن تُعارض نصوص القرآن المفسرة بما في الصحيين وسيأتي تخريجه في نهاية الفصل إن شاء الله.

<<  <   >  >>