ذات بينهم وحقن دمائهم، وهو خير المصلحين العاملين بقوله تعالى: وَأَصْلِحُوا {ذَاتَ بَيْنِكُمْ} وقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} ثم يظهر للشيخ التجاني في آخر الزمان لغرض غير مهم وهو في نفسه غير معقول لأنه مضاد لنصوص الكتاب والسنة فلم يجد عندي جوابا غير ما تقدم ولكني لم أُسلِّم له فقال لي فكِّر في هذه الأدلة وسنتباحث في المجلس الآخر، فعقدنا بعد هذا المجلس سبعة مجالس كل منها كان يستمر من بعد صلاة المغرب إلى ما بعد صلاة العشاء بكثير. وحينئذ أيقنت أنني كنت على ضلال، ولكن أردت أن أزداد يقينا فقلت له من معك من العلماء هنا في المغرب على هذه العقيدة؟ وهي أن كل مسألة في العقائد أو في الفروع يجب أن نعرضها مع قصر باعنا وقلة اطلاعنا على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فما ظهر لنا أنه موافق لهما قبلناه وما ظهر لنا أنه مخالف رددناه فقال لي يوافقني على هذا أكبر مُقدِّم للطريقة التجانية في المغرب كله وهو الشيخ الفاطمي الشرادي، فكدت أُكذِّبه لأن المشهور في جميع أنحاء المغرب أن هذا الرجل من كبار العلماء وهو أكبر مقدم للطريقة التجانية ولم أقل أكبر شيخ لأن الشيخ التجاني لا يبيح لأحد أن يكون شيخا للطريقة سواه، لأن تلقيبه بالشيخ قد يُفهم منه أنه يجوز لغيره أن يتصرف في أوراد الطريقة وفضائلها وعقائدها وذلك ممنوع لأن الذي أعطى هذه الطريقة هو النبي صلى الله عليه وسلم يقظة لا مناما كما تقدم والمتلقي الأول لها هو الشيخ أحمد التجاني والنبي صلى الله عليه وسلم سماه شيخاً لهذه الطريقة، وكل ناشر للطريقة وملقن
لأورادها يسمى مقدما فقط فالطريقة لها مصدر واحد وشيخ واحد ولا يجوز تعدد المصدر ولا تعدد الشيخ حسبما في كتب الطريقة.
فتوجهت إلى الشيخ الفاطمي رحمه الله وكان الوقت ضحى وقد أوصاني شيخنا محمد بن العربي ألا أسأله إلا في خلوة فوجدت عنده جماعة فانصرف بعضهم وجاء آخرون وبقيت عنده أنتظر أن أخلو به حتى صلينا الظهر وجاء الغداء فلم أستطيع أن أخلو به وكان ثلاثة ممن كانوا في مجلسه حاضرين فقلت له إن الشيخ محمد بن العربي العلوي يقول يجب علينا أن نعرض جميع المسائل أصولا وفروعا على كتاب الله وسنة رسول الله فما وافق في نضرنا القاصر قبلناه وما خالف رددناه ولو قال به الإمام مالك أو الشيخ أحمد التجاني فأشار إلي بيده يستمهلني وكان جلوسي عنده قد طال فانصرفت إلى