للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلا وطه المصطفى عبده ... حبيبه نبيه المرسل

واسطة فيها واصل لها ... يعرف كل من يعقل

وقد زاد هذا المضل على ادعاء الواسطة بين الله وبين خلقه في النعم كلها أن النبي صلى الله عليه وسلم هو أصل هذه النعم على حد زعم من يزعم أن كل العالم بملائكته وجنته وناره وجنه وأنسه، مسلمهم وكافرهم وشياطينهم كل ذلك مخلوق من نور النبي صلى الله عليه وسلم ويستدلون على ذلك بحديث باطل يرفعونه ولفظه (أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر) وسيأتي بطلانه إن شاء الله عند الكلام على هذه الضلالة فالجواب، وما دليلك على أن الله لا يمد الناس ألا بواسطة النبي صلى الله عليه وسلم فإن قلت قد أسند الله إليه الهداية في قوله تعالى في سورة الشورى ٥٢: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} . فالجواب: أن الهداية في كتاب الله تجيء ويراد بها تارة الدلالة والإرشاد فالنبي صلى الله عليه وسلم يهدي إلى صراط مستقيم، أي يدل الناس عليه ويدعوهم إليه بأقواله وأفعاله وأخلاقه الكريمة كما قال تعالى في - سورة المؤمنين ٧٣ -: {وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٧٣) } أما التصرف في القلوب بالهداية فهو خاص بذي الجلال وفي ما كان يقوله النبي صلى الله عليه وسلم بعد رفع رأسه من الركوع وفي دبر الصلاة كما جاء في الصحيحين: (اللهم لا ما نع لما أعطيت ولا معطي لما منعت) وإذا ثبت أن المدد كله من الله وليس في قدرة المخلوق أن يمد مخلوقا برزق حسي أو معنوي بأن يخلق ذلك الرزق ويهبه له فقد تهدم ما بناه صاحب الرماح ولم تصب رماحه أحدا من أهل الحق

بأذى لأنه طعن بها أشياء تخيلها لا وجود لها وطاشت سهامه فلم تصب هدفا فأين المدد الذي يتلقاه أحمد التجاني ليوزعه على الناس من لدن آدم إلى النفخ في الصور ونحن نقول أن البحار والأنهار كلها لله تعالى لا يشاركه فيها أحد فهو الذي يسقي منها من شاء على المقدار الذي يريده ويمنع من شاء وتذكرت بهذا الكلام حكاية قد يَحسُن إيرادها هنا فإن كان فيها المدح للنفس فليحملها المخالف على المحمل الحسن وإن أبى فالله عليم بذات الصدور ولا يضر إلا نفسه، توجهت سنة ١٣٤١ هـ من القاهرة إلى مديرية (أسيوط) من صعيد مصر ونزلت في مدينة (ملوي) وبقربها قرية تسمى (الريمون) وكانة فيها فئة قليلة جدا من السلفيين الموحدين لله المتبعين لرسول الله صلى الله عليه وسلم فدعوني إلى بلدهم، وشرعت أدعو إلى الله تعالى فأعانني الله سبحانه

<<  <   >  >>