للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولعل صاحب الرماح يعني بقوله جواهر الأقطاب كبار القوم وأعاظم ساداتهم إلا أن اللفظ لا يساعد على ذلك إلا بتكلف وإذا تحقق أن القطب لا وجود له وان عقيدة القطب وتصرفه في العالم عقيدة فاسدة أحدثها الجهال فقد تهدم ما بناه التجانيون من المقامات لشيخهم.

قال شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية في رسالة القبور ثلاثة لا أصل لها (منتظر الشيعة، وقطب الصوفية، وباب النصيرية) وصدق رحمه الله، فكم بنوا على وجود القطب من ضلالات وجهالات يبرأ منها الإسلام، وأما الغوث فقد قال ابن منظور في (لسان العرب) إنه اسم مصدر بمعنى الإغاثة قال: وأغاثه الله غوثا وغياثا والأولى أعلى اهـ.

ولعل التجانيين ومن سار على دربهم يقصدون بالغوث المغيث من باب إطلاق المصدر على أسم الفاعل فإن قصدوا ذلك فقد أمعنوا في الضلال فإنه لا مغيث إلا الله قال تعالى في سورة الأنفال آية ٩: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (٩) } وكان ذلك في غزوة بدر والنبي صلى الله عليه وسلم وهو أفضل خلق الله بين أظهرهم ولم يستغيثوا به بل هو نفسه عليه الصلاة والسلام كان يستغيث بالله ويقول (اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد) وروى مسلم في صحيحه من حديث ابن عباس قال حدثني عمر بن الخطاب قال لما كان يوم بدر نظر رسل الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر فاستقبل النبي صلى الله عليه وسلم القبلة ثم مد يديه فجعل يهتف بربه (اللهم أنجز لي ما وعدتني) وفيه فما زال يهتف بربه حتى سقط رداؤه عن منكبيه فأخذ أبو بكر فألقاه على منكبيه ثم التزمه من ورائه وقال يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعد فأنزل الله تعالى:

{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (٩) } فتبين لك أيها القارئ الموفق أن الاستغاثة دعاء والدعاء مخ العبادة ومن استغاث بغير الله فقد أشرك وعبد مع الله غيره ومن زعم أنه هو أو غيره من المخلوقين قادر أن يغيث من استغاث به ويجيب المضطر ويكشف السوء ويجعل الناس خلفاء في الأرض فقد اتخذ مع الله إلها آخر بنصوص القرآن والسنة أنظر آيات النمل من قوله تعالى: {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آَللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ (٥٩) } من آية ٥٨ ـ ٦٤ ذكر الله تعالى في هذه الآيات أمورا خاصة به لا يقدر عليها غيره، منها إجابة المضطر وكشف السوء وتولية المناصب والهداية في ظلمات البر والبحر وإرسال الرياح فمن نسب شيئا من هذه الأمور إلى مخلوق أانه هو الفاعل لها بغير طريق الأسباب فقد أشرك بالله وعبد معه غيره واعلم أنه يجب على كل

<<  <   >  >>