للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفريدة؛ التي هي خاصة به صلى الله عليه وسلم؛ ومن بحرها تفضل عليه مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم بإطلاقه رضي الله تعالى عنه في إعطاء جميع أوراده من الإسم الأعظم الكبير وما دونه لمن شاء؛ ومنعها ممن شاء؛ ومضى إلى أن قال: (إنه لما كان دائرة الإحاطة الذي هو الساري في جميع أسماء الله تعالى الظاهرة والباطنة والاسم الذي لا يُلقَّنه إلا القطب وهو الكنز المطلسم الذي ما أُنزل في القرآن ولا في جميع الكتب الإلهية مثله) انتهى بلفظه صفحة ٣٣.

أقول تقدم أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعطي ولا يمنع؛ وإنما هو مبلِّغ عن الله تعالى؛ وقد بلغ أمته البلاغ المبين وما ترك شيئا يقربهم من الله تعالى إلا بينه لهم قبل وفاته؛ ولا ترك شيئا يبعدهم عن الله إلا حذرهم منه؛ وهذه الأسماء المذكورة هنا ليس لها مسميات؛ وإنما اخترعت وذكرت تهويلا على الجاهلي؛ وإرهابا لهم وتخديرا لأعصابهم ليزدادوا خضوعا وطاعة ويعبدوا شيخهم بغاية الإخلاص فهي كالغول والعنقاء؛ وأسماء الله تعالى توقيفية؛ ولا يجوز أن يسمى الله إلا بما سمى به نفسه أو سماه به رسوله صلى الله عليه وسلم؛ ومن سمى الله باسم لم يرو ويصح عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو من الذين يلحدون في أسماء الله سيجزون ما كانوا يعملون؛ وقد اطلعت على كلمتين خنفشاريتين في كتاب مخطوط للشيخ المختار الكنتي؛ زعم أنها اسم الله الأعظم ثم بعد ذلك أعطاني الشيخ أحمد سكيرج هاتين الكلمتين وأخبرني أنهما اسم الله الأعظم؛ فعلمت أن تلك الكلمتين تدوران عند جميع أصحاب الطرائق؛ ويتشددون في إعطائهما ويهولون أمرهما حتى أنني حين خرجت من الطريقة التجانية زعم بعض التجانيين أن الشيخ سكيرج حين أعطاني الإسم الأعظم اشترط علي ألا أذكره في كل يوم إلا مرات معدودة فلم أف له بشرطه وذكرته أكثر مما حدد لي فسلبت. إلى هذا الحد بلغ بهم الجهل؛ وقد صدقوا؛ فإني سلبت الشرك والبدعة والضلالة؛ ورزقت التوحيد واتباع السنة والعلم المستند إلى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولا يجوز إطلاق ذلك الإسم على الله تعالى؛ ومن أطلقه عليه فهو ضال ملحد في أسماء الله تعالى؛ فإن قلت أيها القارئ ما معنى قولك خنفشاريتين؟ فالجواب: أن جماعة من الأدباء زارهم رجل كذاب محتال إلا أنه كان فصيح اللسان؛ وادعى لهم أنه من أهل العلم فما سألوه عن مسألة إلا أفاض في جوابها ارتجالا بما حير ألبابهم. فقال أحدهم: تعالوا نمتحنه لنعلم صدقه من كذبه؛ وكانوا ستة؛

فقالوا: ليكتب كل واحد منا حرفا ثم نجمعها فتصير كلمة ونسأله عن معناها. فكتب كل واحد منهم حرفا ثم جمعوا الأحرف فتألفت منها كلمة هي (خنفشار) فقالوا أيها الأديب هل تعرف الخنفشار؟ فقال نعم هو نبات يطول إلى مقدار ذراع وله أوراق

<<  <   >  >>