للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرأي فيه، قرر المجلس بالإجماع: تحريم كتابة القرآن بالحروف اللاتينية، أو غيرها من حروف اللغات الأخرى،

وذلك للأسباب التالية:

١ - إن القرآن قد نزل بلسان عربي مبين، حروفه ومعانيه، قال تعالى:

(وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) (الشعراء: ١٩٢ - ١٩٥)، والمكتوب بالحروف اللاتينية لا يسمى قرآنًا؛ لقوله تعالى: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا) (الشورى: ٧)، وقوله: (لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ) (النحل: ١٠٣).

٢ - إن القرآن كتب حين نزوله، وفي جمع أبي بكر، وعثمان، رضي الله عنهما إياه بالحروف العربية، ووافق على ذلك سائر الصحابة رضي الله عنهم وأجمع عليه التابعون، ومن بعدهم إلى عصرنا، رغم وجود الأعاجم، وثبت عن النبي-صلى الله عليه وسلم أنه قال: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي) (٤٢).

فوجبت المحافظة على ذلك، عملاً بما كان في عهده صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين رضي الله عنهم وعملًا بإجماع الأمة.

٣ - إن حروف اللغات من الأمور المصطلح عليها، فهي قابلة للتغيير مرات بحروف أخرى، فيخشى إذا فتح هذا الباب أن يفضي إلى التغيير كلما اختلف الاصطلاح، ويخشى أن تختلف القراءة تبعًا لذلك، ويحصل التخليط على مر الأيام، ويجد عدو الإسلام مدخلًا للطعن في القرآن للاختلاف والاضطرابات، كما حصل بالنسبة للكتب السابقة، فوجب أن يمنع ذلك محافظة على أصل الإسلام، وسدًا لذريعة الشر والفساد.

٤ - يخشى إذا رخص في ذلك أو أُقِرَ: أن يصير القرآن ألعوبة بأيدي الناس، فيقترح كلٌ أن يكتبه بلغته، وبما يجد من اللغات، ولا شك أن ذلك مثار اختلاف وضياع، فيجب أن يصان القرآن عن ذلك صيانة للإسلام وحفظًا لكتاب الله من العبث والاضطرابات.

٥ - إن كتابة القرآن بغير الحروف العربية يثبط المسلمين عن معرفة اللغة العربية، التي بواسطتها يعبدون ربهم، ويفهمون دينهم، ويتفقهون فيه، هذا وبالله التوفيق، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

هيئة كبار العلماء (٤٣).

يوضح الباحث ويقول: هذا: وإن كان الموضوع هو "كتابة القرآن بغير العربية" إلا إن أوجه التشابه متقاربة- لما نحن بصدد بحثه- إن لم تكن متطابقة من حيث الدواعي والبواعث الداعية إليه، ومن حيث عواقبه وما يُتوقع حدوثه وما يترتب على الإقدام على مثل هذا العمل.


(٤٢) أخرجه مطولاً أبو داود (٤٦٠٧)، والترمذي (٢٦٧٦)، وابن ماجه (٤٤)، وأحمد (١٧١٤٤) باختلاف يسير، وابن عبد البر في ((جامع بيان العلم وفضله)) (٢٣٠٥) واللفظ له، وقال ابن الملقن في "البدر المنير" (٩/ ٥٨٢): "هذا الحديث صحيح"، وصححه الألباني في صحيح الجامع، برقم: (٢٥٤٩) يُنظر: شرح حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه، رقم: (٧٠٧٨٥). وهذا الحديث وإن كان قد وقع فيه اختلاف في تصحيحه، غير إن الأمة تلقته بالقبول، وهو حديث صحيح بمجموع طرقه.
(٤٣) وقد وُجِهَ هذا السؤالُ لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية،، فتفضل بعرضه على هيئة كبار العلماء في دورتها الرابعة عشر المنعقدة بالطائف، في شوال (١٣٩٩ هـ).، يُنظر: كتاب: "تحريم كتابة القرآن الكريم بحروف غير عربية"، تأليف: صالح علي العود، تقديم محمد بن عبد الوهاب أبياط: (١/ ٣٦). مرجع سابق.

<<  <   >  >>