إذ ندعى أنه سبحانه قادر عالم حي مريد سميع بصير متكلم، فهذه سبعة صفات. ويتشعب عنها نظر في أمرين أحدهما ما به تخص آحاد الصفات، والثاني ما تشترك فيه جميع الصفات. فلنفتح البداية بالقسم الأول وهو اثآت أصل الصفات وشرح خصوص أحكامها.
[القسم الأول]
[أصل الصفات]
[الصفة الأولى]
[القدرة]
ندعي أن محدث العالم قادر، لأن العالم فعل محكم مرتب متقن منظوم مشتمل على أنواع من العجائب والآيات، وذلك يدل على القدرة. ونرتب القياس فنقول: كل فعل محكم فهو صادر من فاعل قادر، والعالم فعل محكم فهو إذاً صادر من فاعل قادر، ففي أي الأصلين النزاع؟ فإن قيل فلم قلتم أن العالم فعل محكم، قلنا: عنينا بكونه محكماً ترتبه ونظامه وتناسبه، فمن نظر في أعضاء نفسه الظاهرة والباطنة ظهر له من عجائب الاتقان ما يطول حصره، فهذا أصل تدرك معرفته بالحس والمشاهدة فلا يسع جحده. فإن قيل: فبم عرفتم الأصل الآخر وهو أن كل فعل مرتب محكم ففاعله قادر؟ قلنا: هذا مدركه ضرورة العقل؛ فالعقل يصدق به بغير دليل ولا يقدر العاقل على جحده، ولكنا مع هذا نجرد دليلاً يقطع دابر الجحود والعناد، فنقول: نعني بكونه قادراً أن الفعل الصادر منه لا يخلو إما أن يصدر عنه لذاته أو لزائد عليه، وباطل أن يقال صدر عنه لذاته، إذ لو كان كذلك لكان قديماً مع الذات فدل أنه صدر لزائد على