صفة قديمة ليس كمثلها شي، كما أن ذاته ذات قديمة ليس كمثلها شيء، وكما ترى ذاته رؤية تخالف رؤية الأجسام والأعراض ولا تشبهها فيسمع كلامه سماعاً يخالف الحروف والأصوات ولا يشبهها.
الاستبعاد الثاني: أن يقال كلام الله سبحانه حال في المصاحف أم لا، فإن كان حالاً فكيف حمل القديم في الحادث؟ فإن قلتم لا، فهو خلاف الإجماع، إذ احترام المصحف مجمع عليه حتى حرم على المحدث مسه وليس ذلك إلا لأن فيه كلام الله تعالى.
فنقول: كلام الله تعالى مكتوب في المصاحف محفوظ في القلوب مقروء بالألسنة، وأما الكاغد والحبر والكتابة والحروف والأصوات كلها حادثة لأنها أجسام وأعراض في أجسام فكل ذلك حادث. وإن قلنا إنه مكتوب في المصحف، أعني صفة تعالى القديم، لم يلزم أن تكون ذات القديم في المصحف، كما أنا إذا قلنا النار مكتوبة في الكتاب لم يلزم منه أن تكون ذات النار حالة فيه، إذ لو حلت فيه لاحترق المصحف، ومن تكلم بالنار فلو كانت ذات النار بلسانه لاحترق لسانه، فالنار جسم حار وعليه دلالة هي الأصوات المقطعة تقطيعاً يحصل منه النون والألف والراء، فالحار المحرق ذات المدلول عليه لا نفس الدلالة، فكذلك الكلام القديم القائم بذات الله تعالى هو المدلول لا ذات الدليل والحروف أدلة وللأدلة حرمة إذ جعل الشرع لها حرمة فلذلك وجب احترام المصحف لأن فيه دلالة على صفة الله تعالى.