كافية ويكون فيها معنى القدرة والعلم وسائر الصفات من غير زيادة وعند ذلك يلزم مذهب المعتزلة والفلاسفة.
والجواب أن نقول: هذا السؤال يحرك قطباً عظيماً من اشكالات الصفات ولا يليق حلها بالمختصرات. ولكن إذا سبق القلم إلى إيراده فلنرمز إلى مبدأ الطريق في حله، وقد كع عنه أكثر المحصلين وعدلوا إلى التمسك بالكتاب والإجماع، وقالوا هذه الصفات قد ورد الشرع بها، إذ دل الشرع على العلم وفهم منه الواحد لا محالة والزائد على الواحد لم يرد فلا يعتقده. وهذا لا يكاد يشفي فإنه قد ورد بالأمر والنهي والخبر والتوراة والإنجيل والقرآن فما المانع من أن يقال: الأمر غير النهي والقرآن غير التوراة وقد ورد بأنه تعالى يعلم السر والعلانية والظاهر والباطن والرطب واليابس وهلم جرا إلى ما يشتمل القرآن عليه..
فلعل الجواب ما نشير إلى مطلع تحقيقه وهو أن كل فريق من العقلاء مضطر إلى أن يعترف بأن الدليل قد دل على أمر زائد على وجود ذات الصانع سبحانه، وهو الذي يعبر عنه بأنه عالم وقادر وغيره. والاحتمالات فيه ثلاثة: طرفان وواسطة، والاقتصاد أقرب إلى السداد. أما الطرفان فأحدهما في التفريط وهو الاقتصار على ذات واحدة تؤدي جميع هذه المعاني وتنوب عنها كما قالت الفلاسفة. والثاني طرف الإفراط وهو إثبات صفة لا نهاية لآحادها من العلوم والكلام والقدرة، وذلك بحسب عدد متعلقات هذه الصفات؛ وهذا إسراف لا صائر إليه إلا بعض المعتزلة وبعض الكرامية. والرأي الثالث هو القصد والوسط. وهو أن يقال: المختلفات لاختلافها درجات في التقارب والتباعد؛ فرب شيين مختلفين بذاتيهما كاختلاف الحركة والسكون واختلاف القدرة والعلم الجوهر والعرض، ورب شيئين يدخلان تحت حد وحقيقة واحدة ولا يختلفان لذاتيهما وإنما يكون الاختلاف فيهما من جهة تغاير التعلق؛ فليس الاختلاف بين القدرة والعلم كالاختلاف بين العلم بسواد والعلم بسواد آخر أو بياض آخر، ولذلك إذ حددت العلم تجد دخل فيه العلم بالمعلومات كلها، فنقول: الاقتصاد في الاعتقاد أن يقال: كل اختلاف يرجع إلى تباين الذوات بأنفسها فلا يمكن أن يكفي الواحد منها، وينوب عن المختلفات. فوجب أن يكون العلم غير القدرة وكذلك الحياة وكذا الصفات