للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من الجبهات للمدينة المنورة طلبًا للمدد والعون، وفي معظم الأوقات كان هذا العون مجرد عدة مئات أو ألف جندي، وفيما يتعلق بمسألة الترحيب العام بالفاتحين المسلمين من جانب السكان فهذا أمر صحيح، إلا أنه من الطبيعي بل من الشائع ألاّ يشترك السكان المدنيون في القتال، وبلا شك أمد هؤلاء السكان المسلمين بالعون المعنوي، وهو ما حُرمه القادة والجنود الرومان والإيرانيون. ومن الواضح أنهم تأثروا كثيرًا بالأخلاق الإسلامية.

لقد حاول فيليب حتى أن يستطلع ويحلل الفتوحات الإسلامية وكأنها صدام بين الشرق والغرب، ويكتب ناصحًا بوجوب تحليل الفتوحات الإسلامية بتلك الخلفية، إِذ إن الشرق الأوسط القديم كان توّاقًا إلى استرجاع مناطقه المحتلة، والمشرق تحت تأثير الإسلام بدأ يرى حلمه القديم من جديد، فأراد أن ينزع عن نفسه رداء التسلط الغربي الذي استمر لآلاف السنوات.

وهو يقول: إن الفتوحات الإسلامية كانت أيضًا عاملاً من عوامل الاستغلال الإقليمي، وهذه النظرية الخاصة بالفتوحات الإسلامية هي بالمصطلح الحديث النظرية التفسيرية، إلا أن زمان الفتوحات الإِسلامية وهو القرن السابع الميلادي لم يشهد تصور الشرق والغرب كما يريد المؤرخ المذكور تفسيره، كما أن الفاتحين المسلمين والحكام المسلمين لم يَرد أبدًا على أذهانهم التصور القائل بتخلص الشرق من تسلط الغرب والاستقلال الإِقليمي واسترجاع السلطة الضائعة. والحقيقة أن السبب المجرد للضغط على أهمية هذه الأسباب والعوامل والتأكيد عليها مرة بعد مرة، إنما يهدف إلى إخفاء العامل الأساسي للفتوحات الإسلامية.

والواقع أن السبب الأساسي لسرعة الفتوحات الإسلامية وتماسكها، وهو ما لا يريد المعاندون والمخالفون من أعداء الإسلام الاعتراف به، هو الحماسة الدينية لدى حملة الإسلام، وما كان لذلك من نتائج، ويعترف مؤرخ غربي

<<  <   >  >>