للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بذلك فيقول: " بالإِضافة إلى العوامل والدوافع المساعدة السابقة، فإن سبب هذا النجاح الساحق والتوفيق الباهر يكمن في الإسلام الذي بدّل العرب البدو " المتوحشين " الذين لم يكن يجمعهم نظام إلى جيش وفىّ منظم: ملتزم بالضبط والربط، متمدن ومتحضر .. إنه الإسلام الذي ملأ قلوبهم، والإحساس الذي سيطر عليهم بأن القتال جهاد ينالون أجره رضا من الله ومغفرة، ومال الغنيمة هو إنعام مادي دنيوي دليل على مرضاة الله.

ومع أن هذا الاعتراف يضم فقرة كالسم في العسل وهي " القتال ضد أتباع الأديان الأخرى جهاد " ذلك لأن المسلمين قاموا بالجهاد للقضاء على الظلم والبربرية والإِفساد في الأرض، لا لمجرد قتال أتباع الأديان الأخرى، وهو ما يتضح حقيقة للعيان، وفيليب حتى، اضطر إلى الاعتراف بالحقيقة فقال: " وكأن العرب الذين حرموا من الكفاءة والديانة قد تحولوا بعد وفاة النبي بسحر ساحر إلى أبطال عسكريين ومثل هؤلاء الأبطال لم نكن لنفتقدهم في مكان واحد من ناحية العدد أو الكفاءة، فخالد بن الوليد وعمرو بن العاص ممن قاموا بمهمة فتح إيران والعراق والشام هم أمثلة نادرة جدًا وعظيمة في تاريخ الحروب العالمية، وقد تفوقوا على ما قام به نابليون وهنى بال وحتى الإِسكندر الأكبر ".

وفي هذا الاعتراف وردت جملة بريئة في ظاهرها تحمل السم في باطنها وهي " بعد وفاة النبي ". والحقيقة أن المد الإِسلامي السريع كان نتيجة منطقية وضرورية لتعاليم رسول الله ولتربيته الحكيمة لصحابته وللمسلمين، ولما تم قبلاً من إخضاع الجزيرة العربية كلها للإسلام، ومن بعده قام الصحابة الكرام وبتأثير من أعمال رسول الله وتوجيهه فتحوا البلاد المجاورة لنشر كلمة الحق.

أهداف الفتوحات:

أكبر هجوم على الفتوحات الإسلامية هو الهجوم على سلسلة أهدافها، فقد

<<  <   >  >>