جذوره داخل البلاد، وأصبحت قوية متينة بحيث أصبح من الصعب زعزعته، ولهذا السبب حدث ما حدث من خلاف مع الخليفة الرابع، رغم أن الخلاف مع الخليفة الرابع كان من نوعية أخرى سوف نبحثها فيما بعد.
وقد كان الوليد بن عقبة الأموي أكثر من تعرضوا للذم من عمال عثمان رضي الله عنه، فقد وجهت له الاتهامات من كل نوع، من بينها الاهتمام بالسحرة، والخمر، ونقض العهد. وإشاعة الفرقة بين طبقات المسلمين، وفي العهد النبوي عُهد إليه بجمع الصدقات من قبيلة بني المصطلق، لكنه -طبقًا لبعض الروايات- عاد دون أن يجمع الصدقات، وبسبب عناده الجاهلي، وصل إلى رسول الله وأخبره بأن القبيلة رفضت أداء الصدقات، وأنهم يعدون العدة للهجوم على المدينة، وكان رسول الله على وشك الهجوم عليهم، وإذا بوفد من بني المصطلق يصل ويطلع الرسول على أمر الوليد بن عقبة، فنزلت الآية رقم ٦ من سورة الحجرات في حقه (١). والتي ورد فيها لفظ " فاسق " صفة لعامل الصدقات.
وهذه الرواية بأكملها تضمنت نقاطًا جديرة بالاعتراض والرفض. وقد قرر عدد من المفسرين بوضوح أن المراد بـ ((فاسِقٌ)) ليس الوليد؛ لأنه كان صحابيًا جليلاً، وتأكيد هذا الأمر هو أنه رضي الله عنه قد تولى عهدة عامل الصدقات في أوائل خلافة الصديق، ثم تم تعيينه أيضًا قائدًا للجيش الإسلامي، وفي عهد عمر عين عاملاً للصدقات أولاً، وبعدها حاكمًا للجزيرة، ومن هنا غيّره عثمان وجعله حاكمًا على الكوفة، ويتضح تمامًا من رواية ابن خلدون أن تعيينه في الأصل كان تغييرًا، فقد ظل منذ خلافة الفاروق في وظيفة حاكم، ويعترض بعض المؤلفين بأن الخليفة الثالث قد نقله من وظيفته