كحاكم على جزيرة صغيرة ليعينه على الكوفة، وهي ولاية كبيرة، وهذا الأمر خطأ من الناحية التاريخية، فمقاطعة الجزيرة لم تكن أبدًا قليلة الأهمية، فقد عين عليها عبد الرحمن بن خالد بن الوليد.
ومن التهم الأخرى الموجهة إليه تهمة شرب الخمر، وهي تهمة كبيرة تستلزم الحد إذا ما ثبتت عليه، وهناك تناقض كامل في جميع الروايات الخاصة بهذه التهمة، رواية تقول لقد كان هذا في صلاة الفجر، أو صلاة أخرى، وصلى أربع ركعات وهو سكران وتضرر المأمومون وغير ذلك من الاتهامات.
هذا ... وقد ذكر الطبري رواية برَّأته مما نسب إليه من تهم، وربما كانت أقرب إلى التصديق، وقرينة للقياس، وطبقًا لهذه الرواية فقد كانت هناك مؤامرة تحاك للطعن في الوليد بن عقبة، مما نتج عنها اتهامه بالسكر. وكان القائمون على هذه المؤامرة ثلاثة، هم: أبو مورع الأسدي، وجندب بن زهير الأزدي، وأبو مصعب بن جثامة، ومعهم مالك الأشتر النخعي.
والثلاثة الأوائل من مثيري الفتنة، وقد أرادوا الانتقام من الوليد لقتله أبناءهم، وقد حكم على قاتلهم بالموت، أما مالك النخعي فقد كان من مثيري الفتن والعصيان ضد عثمان. ومن الجدير بالذكر أن تهمة الشراب والسكر يمكن إثباتها عن طريق شهادة كاذبة، وكانت التهمة أساسًا نتيجة لمؤامرة حاكها أكابر الكوفة الغاضبون، وطبقًا لرواية الطبري كان للوليد مكانة طيبة ومحبة في قلوب العامة، بينما كان الأكابر غاضبين منه، ولم يكن هذا الغضب بناء على أي سبب ديني أو أي سبب معقول، بل كان بناء على أغراض ذاتية. والحقيقة أن أي حاكم من حكام الكوفة لم ينج أبدًا من الاتهامات؛ لأن أهلها وبخاصة أكابرها اعتادوا إثارة الفتن.
وبعد عزل الوليد بن عقبة الأموي عن حكم الكوفة قام الخليفة الثالث في سنة ٢٩ هـ بتعيين أحد أقاربه وهو سعيد بن العاص الأموي واليًا على