للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْدَهُ ثُمَّ فِي الْمَتْنِ يُقِيمُ الدَّلِيلَ عَلَى أَنَّ تَعْلِيلَهُ مَقْرُونٌ بِفَسَادِ الْوَضْعِ بِقَوْلِهِ:

(فَإِنَّ الْإِسْلَامَ لَا يَصْلُحُ قَاطِعًا لِلنِّعْمَةِ، وَالرِّدَّةُ لَا تَصْلُحُ عَفْوًا وَكَقَوْلِهِ: إذَا حَجَّ بِإِطْلَاقِ النِّيَّةِ يَقَعُ عَنْ الْفَرْضِ فَكَذَا بِنِيَّةِ النَّفْلِ فَإِنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ حَمَلُوا الْمُطْلَقَ عَلَى الْمُقَيَّدِ فَأَمَّا هَذَا فَحَمَلَ الْمُقَيَّدَ عَلَى الْمُطْلَقِ وَهُوَ بَاطِلٌ وَكَقَوْلِهِ: الْمَطْعُومُ شَيْءٌ ذُو خَطَرٍ فَيُشْتَرَطُ لِتَمَلُّكِهِ شَرْطٌ زَائِدٌ) وَهُوَ التَّقَابُضُ

(كَالنِّكَاحِ) فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ لَهُ الشُّهُودُ

(فَيُقَالُ مَا كَانَ الْحَاجَةُ إلَيْهِ أَكْثَرُ جَعَلَهُ اللَّهُ أَوْسَعَ. الرَّابِعُ الْمُنَاقَضَةُ وَهِيَ تُلْجِئُ أَهْلَ الطَّرْدِ إلَى الْمُؤَثِّرَةِ كَقَوْلِهِ: الْوُضُوءُ وَالتَّيَمُّمُ طَهَارَتَانِ فَيَسْتَوِيَانِ فِي النِّيَّةِ فَيُنْتَقَضُ بِتَطْهِيرِ الْخَبَثِ فَيُضْطَرُّ إلَى أَنْ يَقُولَ الْوُضُوءُ تَطْهِيرٌ حُكْمِيٌّ كَالتَّيَمُّمِ بِخِلَافِ تَطْهِيرِ الْخَبَثِ فَنَقُولُ نَعَمْ) أَيْ الْوُضُوءُ تَطْهِيرٌ حُكْمِيٌّ

(بِمَعْنَى: النَّجَاسَةُ حُكْمِيَّةٌ، أَيْ حَكَمَ الشَّرْعُ بِالنَّجَاسَةِ فِي حَقِّ الصَّلَاةِ فَجَعَلَهَا كَالْحَقِيقَةِ فَيُزِيلُهَا الْمَاءُ كَمَا يُزِيلُ الْحَقِيقِيَّةَ فَهِيَ غَيْرُ مَعْقُولَةٍ) الضَّمِيرُ يَرْجِعُ إلَى النَّجَاسَةِ وَهَذَا الْجَوَابُ هُوَ الَّذِي أَحَالَهُ فِي فَصْلِ شَرَائِطِ الْقِيَاسِ إلَى فَصْلِ الْمُنَاقَضَةِ

(لَكِنَّ تَطْهِيرَهَا بِالْمَاءِ مَعْقُولٌ بِخِلَافِ التُّرَابِ فَلَا يُحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي التَّطْهِيرِ فَيَحْصُلُ الطَّهَارَةُ سَوَاءٌ نَوَى أَوْ لَمْ يَنْوِ

(بَلْ فِي صَيْرُورَتِهِ قُرْبَةً) أَيْ يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ فِي صَيْرُورَةِ الْوُضُوءِ قُرْبَةً

(وَالصَّلَاةُ تَسْتَغْنِي عَنْهَا) أَيْ عَنْ صَيْرُورَةِ الْوُضُوءِ قُرْبَةً كَمَا فِي سَائِرِ

ــ

[التلويح]

الصَّلَاةِ بِمَعْنَى أَنَّهَا مَانِعَةٌ لَهُ كَالنَّجَاسَةِ الْحَقِيقِيَّةِ فَمُسَلَّمٌ لَكِنَّهُ لَا يُوجِبُ اشْتِرَاطَ النِّيَّةِ فِي رَفْعِهَا وَإِزَالَتِهَا بِالْمَاءِ الَّذِي خُلِقَ طَهُورًا فَإِنَّهُ أَمْرٌ مَعْقُولٌ وَلَمَّا كَانَ لَهُمْ فِي اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ طَرِيقَةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ الْوُضُوءَ قُرْبَةٌ أَيْ عِبَادَةٌ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْظِيمِ الرَّبِّ بِامْتِثَالِ الْأَمْرِ وَمِنْ اسْتِحْقَاقِ الثَّوَابِ بِدَلَالَةِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْوُضُوءُ عَلَى الْوُضُوءِ نُورٌ عَلَى نُورٍ» وَكُلُّ قُرْبَةٍ فَهِيَ مُفْتَقِرَةٌ إلَى النِّيَّةِ تَحْقِيقًا لِمَعْنَى الْإِخْلَاصِ وَقَصْدِ التَّقَرُّبِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَتَمْيِيزًا لِلْعِبَادَةِ عَلَى الْعَادَةِ أَشَارَ إلَى الْجَوَابِ بِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ: كُلُّ وُضُوءٍ قُرْبَةٌ، فَهُوَ مَمْنُوعٌ فَإِنَّهُ مِنْ الْوُضُوءِ مَا هُوَ مِفْتَاحٌ لِلصَّلَاةِ فَقَطْ بِمَنْزِلَةِ غَسْلِ الْبَدَنِ عَنْ الْخَبَثِ وَإِنْ أُرِيدَ الْبَعْضُ فَلَا نِزَاعَ فِي أَنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَى النِّيَّةِ فَإِنَّ الْوُضُوءَ لَا يَصِيرُ قُرْبَةً بِدُونِ النِّيَّةِ لَكِنَّ صِحَّةَ الصَّلَاةِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى وُضُوءٍ هُوَ قُرْبَةٌ بَلْ عَلَى تَطْهِيرِ الْأَعْضَاءِ الْمَخْصُوصَةِ عَنْ الْحَدَثِ لِيَصِيرَ الْعَبْدُ بِهِ أَهْلًا لِلْقِيَامِ بَيْنَ يَدَيْ الرَّبِّ فَإِنْ قُلْت هُوَ مَأْمُورٌ بِالْغُسْلِ وَهُوَ فِعْلٌ اخْتِيَارِيٌّ مَسْبُوقٌ بِالْقَصْدِ فَلَا يَحْصُلُ الِامْتِثَالُ بِالِانْغِسَالِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ مِنْهُ وَأَيْضًا قَوْلُنَا إذَا أَرَدْتَ الدُّخُولَ عَلَى الْأَمِيرِ فَتَأَهَّبْ، مَعْنَاهُ تَأَهَّبْ لَهُ فَيَكُونُ مَعْنَى الْآيَةِ إذَا أَرَدْتُمْ الْقِيَامَ إلَى الصَّلَاةِ فَتَوَضَّئُوا لِذَلِكَ قُلْتُ لَا كَلَامَ فِي أَنَّ الْإِتْيَانَ بِالْوُضُوءِ الْمَأْمُورِ بِهِ لَا يَحْصُلُ بِدُونِ النِّيَّةِ لَكِنَّ صِحَّةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>