الحمد لِلَّهِ الذي تتم بنعمته الصالحات والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
فلقد عشت سنوات عديدة مع هذا البحث، أقلب مسائله، وأُعالج إشكالاته وأحل غوامضه فظهر لي عدة نتائج أبرزها ما يلي:
* أني لم أجد تعريفًا علميًا دقيقًا لأسباب النزول، يوضح مصطلحه ويدل على معناه، وإن ظهرت بعض التعريفات إلا أنها لا تدل مباشرة على معناه ولعل ذلك يعود إلى عدم تتبع النصوص - أسباب النزول - واستقرائها على نحو عميق، فوضعت تعريفًا جامعًا مانعًا لها أخرجته من رَحِم النصوص.
* أن قواعد السبب وأركانه التي يقوم عليها أربعة:
أ - الحدث الجديد فلا بد من تصورِ أمرٍ جديد قد وقع، سواءٌ أكان قولاً أم فعلاً، ولا بد أن يكون الوقوع بعد البعثة، فإن كان قبل البعثة كان نزول القرآن وحديثه عنه من باب إبطال ما كان يفعله أهل الجاهلية ويعتادونه، لا من باب أسباب النزول.
ب - الموافقة بين لفظي الآية النازلة، والسبب الذي نزلت لأجله، وهذا بدوره يقتضي اتفاقهما في المعاني.
جـ - مراعاة التاريخ بين السبب والنزول، فلا بد أن يكونا قبل الهجرة معًا أو بعدها معًا، وكذا لا بد أن يكونا في أوائل البعثة معاً أو قرب الهجرة معًا، أو في أوائل الهجرة معًا أو في أواخرها معاً.
د - سياق الآيات التي تسبق موضع النزول وتتبعه، فلا يصح أن يخالف سبب النزول في موضوعه وخطابه.
فهذه القواعد والأركان حتمية في أسباب النزول قبولاً ورداً.