للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الثاني

الترجيح بتقديم السبب الموافق لِلفظ الآية على غيره

أسباب النزول التي نزلت بشأنها بعض آيات القرآن لوحِظ بعد تتبعها واستقرائها أنها تنحصر في نمطين:

الأول: الأقوال التي تقع من رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أو من أصحابه أو من غيرهم فكان اللَّه تعالى يجيبهم عنها تارةً بالتفصيل كما في قوله تعالى: (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ ... ) الآية. فقد ثبت في الصحيح عن جابر بن عبد اللَّه - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قال: جاء رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يعودني وأنا مريض لا أعقل فتوضأ وصبَّ عليَّ من وضوئه، فعقلت، فقلت: يا رسول اللَّه لمن الميراث؟ إنما يرثني كلالة فنزلت آية الفرائض.

وتارة بالإجمال كما في قوله تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا). فقد ثبت في الصحيح أن سبب نزولها قول اليهود لبعضهم حين مر بهم رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سلوه عن الروح، فقالوا: يا أبا القاسم حدثنا عن الروح، فنزلت الآية.

وتارةً بصرفهم عما سألوا وتنبيههم إلى الأهم كما في قوله تعالى: (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى ... ) الآية. فالسؤال إنما وقع عن المنفَق، وجاء الجواب ببيان المنفَق عليه لأنه الأهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>