وأول من وقفت على قوله في إشارة إلى أن فعل رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد يكون سبباً للنزول هو الرومي حيث قال:(والحادثة التي ينزل القرآن لأجلها قد تكون من الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كما حدث في سبب نزول عبس ... ).
وقولي:(نزل) احترازاً من المتلو والمقروءِ، فلو قرأ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الآية عند حدث ما، لما كان هذا من أسباب النزول، بل كان هذا من باب الاستشهاد بالآية على الحدث.
مثاله ما روى الشيخان عن علي بن أبي طالب أن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طرقه وفاطمةَ بنت النبي - عليه الصلاة والسلام - ليلةً، فقال:(ألا تصليان) فقلت: يا رسول اللَّه، أنفسنا بيد الله، فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا، فانصرف حين قلنا ذلك، ولم يرجع إليَّ شيئاً، ثم سمعته وهو مولٍ، يضرب فخذه وهو يقول:(وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً).
وقولي:(بشأنه) أي بسببه ولأجله، وقد اقتضت حكمة اللَّه البالغة ربط الأسباب بالمسبَبَات، ورتب على وجودها أثرها، فمن الآيات ما لا ينزل من السماء حتى يقع السبب في الأرض، ومنها ما ليس له سبب حاضر، فليس النزول موقوفاً على السبب دوماً، بل يكون أحياناً به، وأحيانًا أخرى بغيره وهذا أكثر.
وقولي:(قرآن) هذا يتناول السورة وبعضها، والآية وبعضها، وسواءٌ أكان