للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نزلت في كذا، إذا كان اللفظ يتناولهما كما ذكرناه في التفسير بالمثال). هذا هو كلام شيخ الإسلام في هذا الموضوع، وأوله وآخره دائر على التفسير بالمثال. ولا يعني قوله: (لا سيما إن كان المذكور شخصًا) تخصيص السبب بذكر الشخص لأنه قال قبل ذلك: وقد يجيء كثيراً من هذا الباب قولهم: هذه الآية نزلت في كذا. فإنه يعني بهذا الباب الصنف الثاني الذي جعله عنواناً لهذا الكلام.

كما أن الأمثلة التي بين يديّ تتفق وما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية من أنهم تارةً يريدون بقولهم نزلت في كذا أنه سبب نزول، وتارةً يريدون أن ذلك داخل في الآية دن لم يكن السبب.

فأما الأمثلة على إرادة السببية فمنها: -

١ - قال الله تعالى: (لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (١٨٨).

أخرج مسلم وأحمد والبخاري والترمذي والنَّسَائِي أن ابن عبَّاسٍ قال: ما لكم ولهذه الآية؟ إنما أُنزلت هذه الآية في أهل الكتاب، ثم تلا ابن عبَّاسٍ: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ) وقال ابن عبَّاسٍ: سألهم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن شيء فكتموه، وأخبروه بغيره فخرجوا قد أروه أن قد أخبروه بما سألهم عنه، واستحمدوا بذلك إليه، وفرحوا بما أتوا من كتمانهم إياه ما سألهم عنه.

٢ - أخرج أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنَّسَائِي عن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قال: نزلت: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) في عبد اللَّه بن حذافة السهمي إذ بعثه رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في السرية.

٣ - أخرج أبو داود والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: نزلت هذه الآية في أهل قباء: (فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا) قال: كانوا يستنجون بالماء فنزلت فيهم هذه الآية.

<<  <  ج: ص:  >  >>