فقولهم: إن النزول يتكرر لغرض إنزال بقية الأحرف السبعة التي نزل القرآن عليها. فالجواب عنه من وجوه:
أ - أن من لازم القول بهذا ارتباطَ الأحرف السبعة بأسباب النزول؛ لأن النزول لن يتكرر إلا بوجود أسبابه.
والواقع أن الأحرف السبعة تخالف أسباب النزول في الموضوع والغاية، فالغرض من تكرر النزول على فرض وقوعه معالجة ما يستدعي ذلك من القضايا الخاصة، بينما الغرض من إنزال القرآن على سبعة أحرف التيسير والتسهيل على الأمة عامة في قراءة القرآن وفرق بيِّن بين الأمرين.
ب - أن مقتضى استدلالكم بنزول الأحرف السبعة على تكرر النزول أن يكون لما ذكرتم من الأمثلة صلة بالأحرف وهذا ما لا يوجد، حتى أنتم لما ذكرتم التكرار لم تقولوا إنها في النزول الأول كانت بحرف كذا، وبالنزول الثاني كانت بحرف كذا، بل غاية الأمر عندكم أنكم لجأتم للقول بتكرر النزول لما اشتبه عليكم المكي بالمدني.
جـ - أن الأحرف السبعة التي نزل القرآن بها لو كان لها صلة بتكرر النزول لكانت الأدلة على تكرر النزول تربو عن المذكور بكثير، وهذا ليس بغريبٍ، إذا علمنا أن الأحرف سبعة وأن عدد سور القرآن يبلغ مائة وأربع عشرة سورة، فلماذا اقتصرتم على بضعة أمثلة يرددها اللاحق عن السابق، وتركتم الجم الغفير منها، ولم تصدروا بها قولكم مع أن الأدلة والأمثلة هي مادة حياة القول وسبب بقائه.
وأما قولهم: إن في تكرر النزول لبعض الآيات تذكيراً وموعظةً بها.
فالجواب أن يقال: إن التذكير والموعظة يحصل بالتفكر والتدبر في آيات اللَّه الشرعية والكونية.