رسول اللَّه إذن يحلف ويذهب بمالي، قال: فأنزل الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا ... ) إلى آخر الآية.
فسياق الآَيات يؤيد القول بأن الحديث سبب نزولها لأن الآية التي تلت هذه الآية تتحدث عن اليهود في قوله:(وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ) والآية التي قبلها تتحدث عنهم أيضًا في قوله: (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا). اهـ.
٢ - قال الله تعالى:(لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ) وقد ذكر ابن القيم، وابن حجر - رحمهما اللَّه - أن هذه الآية نزلت في سياق الحديث عن قصة أُحد، وهذا يتفق مع ما أخرجه أحمد ومسلم والترمذي والنَّسَائِي وابن ماجه عن أنس بن مالك - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: لما كان يوم أُحد كسرت رباعية رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وشُج في وجهه، قال: فجعل الدم يسيل على وجهه، فجعل يمسح الدم عن وجهه ويقول:(كيف يفلح قوم خضَّبوا وجه نبيهم بالدم وهو يدعوهم إلى الله؟) قال: فأنزل الله: (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ). اهـ.
وسياق هذه الآيات يتفق مع ما رواه أحمد وأبو داود عن ابن عبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لما أُصيب إخوانكم بأحد جعل الله - عَزَّ وَجَلَّ - أرواحهم في أجواف طير خضرٍ ترد أنهار الجنة، تأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش، فلما وجدوا طيب مشربهم ومأكلهم وحسن مقيلهم قالوا: يا ليت إخواننا يعلمون بما صنع اللَّه لنا، لئلا يزهدوا في الجهاد،