للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا يدل على تأخر نزول آية الوضوء كثيرًا.

٣ - قال اللَّه تعالى: (وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٣٢) وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (٣٣).

فقد أخرج البخاري ومسلم عن أنس بن مالك - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: قال أبو جهل: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم فنزلت: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (٣٣).

فهذا الحديث وإن كان صحيحًا ليس سببًا لنزول الآية لأن سورة الأنفال نزلت في بدر كما قال ابن عبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -.

وقال ابن إسحاق: (أُنزلت في أمر بدرٍ سورة الأنفال بأسرها). اهـ.

وهذا الدعاء المذكور إنما كان في مكة بدليل قوله تعالى: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) وهو إنما كان فيهم لما كان في مكة قبل الهجرة، فكيف يكون الدعاء قبل الهجرة سببًا لنزول الآيات بعدها؟.

٤ - قال اللَّه تعالى: (وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ (٧٦).

أخرج النَّسَائِي عن ابن عبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قال: جاء أبو سفيان إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: يا محمد أنشدك الله والرحم، فقد أكلنا العلهز - يعني الوبر والدم - فأنزل اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ (٧٦).

وهذا الحديث ليس سببًا للنزول لأن سبب القحط الذي أصابهم هو دعاء النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عليهم بقوله: (اللهم اشدد وطاتك على مضر، اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف) وهذا الدعاء إنما كان في المدينة، وسورة المؤمنون مكية بالاتفاق، وإذا كان الأمر كذلك فكيف تنزل الآية في شأن القحط في مكة مع أن سبب القحط وهو الدعاء كان بالمدينة.

<<  <  ج: ص:  >  >>