قال القرطبي:(اتفق العلماء على أنها نزلت فيمن مات وهو يصلى إلى بيت المقدس) اهـ.
وقال السعدي:(ودخل في ذلك من مات من المؤمنين قبل تحويل القبلة، فإن اللَّه لا يضيع إيمانهم، لكونهم امتثلوا أمر الله وطاعة رسوله في وقتها) اهـ.
وقال ابن بطال:(لا خلاف بين أهل التفسير أن هذه الآية نزلت فى صلاتهم إلى بيت المقدس) اهـ.
وإذا كان قد تبين ضعف وشذوذ رواية ابن ماجه فإن الثابت فى سبب نزول الآية أن الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - هم الذين استشكلوا الأمر وليس رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هو الذي سأل جبريل - عليه السلام - فأنزل الله الآية. كما دلت على هذا رواية ابن ماجه.
وهنا إشكالان يحسن إيرادهما والجواب عنهما:
الأول: كيف قال البراء - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رجال قتلوا ولم يقع قبل تحويل القبلة قتال؟
فالجواب: قال ابن حجر: (ذكر القتل لم أره إلا في رواية زهير، وباقي الروايات إنما فيها ذكر الموت فقط، ولم أجد في شيء من الأخبار أن أحدًا من المسلمين قتل قبل تحويل القبلة، لكن لا يلزم من عدم الذكر عدم الوقوع، فإن كانت هذه اللفظة محفوظة فتحمل على أن بعض المسلمين ممن لم يشتهر قتل في تلك المدة في غير الجهاد ولم يضبط اسمه لقلة الاعتناء بالتاريخ إذ ذاك) اهـ.
الثاني: كيف قال الله: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ) فأضاف الإيمان إلى الأحياء المخاطبين، والقوم المخاطبون إنما كانوا أشفقوا على إخوانهم الذين ماتوا وهم يصلون نحو بيت المقدس؟.
فالجواب: قال الطبري: (إن القوم وإن كانوا أشفقوا من ذلك فإنهم أيضًا