للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لنزولها منهم الطبري والبغوي وابن عطية وابن كثير والسعدي.

قال الطبري: (إنما قيل له ذلك - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيما بلغنا؛ لأنه كان قبل تحويل قبلته من بيت المقدس إلى الكعبة يرفع بصره إلى السماء ينتظر من اللَّه جل ثناؤه أمره بالتحويل نحو الكعبة) اهـ.

وقال البغوي: (جعل رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُديم النظر إلى السماء رجاء أن ينزل جبريل بما يحب من أمر القبلة فأنزل اللَّه تعالى: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ). اهـ.

وقال السعدي: (يقول اللَّه لنبيه (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ) أي كثرة تردده في جميع جهاته شوقاً وانتظارًا لنزول الوحي، باستقبال الكعبة إلى أن قال: وفي هذا بيان لفضله وشرفه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حيث إن اللَّه تعالى يسارع في رضاه، ثم صرح له باستقبالها فقال: (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ). اهـ.

وقد اختلف في السبب الذي كان لأجله رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يحب التوجه نحو المسجد الحرام:

فقال بعضهم: لمخالفة اليهود لأنهم كانوا يقولون يخالفنا محمد ويتبع قبلتنا وهو المروي عن مجاهد وابن زيد.

وقال بعضهم: بل لأنها قبلة أبيه إبراهيم - عليه السلام - وهو المروي عن ابن عباس.

وقال بعضهم: بل ليتألف العرب لأنها مفخرتهم ومزارهم ومطافهم (١).

والظاهر - والله أعلم - أن الآية تحتمل هذه الأقوال جميعاً إذ لا منافاة بينها ولا تعارض وإن كنت أميل إلى أن سبب ذلك - واللَّه أعلم - أن هذه البقعة أحب البقاع إلى اللَّه تعالى وأرضاها عنده، ويدل لذلك ما روى عبد اللَّه بن عديِّ بن الحمراء قال: رأيت رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - واقفاً على الحَزْوَرة فقال:


(١) في غاية البعد البعيد. اهـ (مصحح النسخة الإلكترونية).

<<  <  ج: ص:  >  >>