بعرفات، فلما جاء الإسلام أمر الله نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يأتي عرفات ثم يقف بها ثم يفيض منها، فذلك قوله تعالى:(ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ).
* دِرَاسَةُ السَّبَبِ:
هكذا جاء في سبب نزول الآية وقد أورد ذلك جمهور المفسرين وجعلوه سببًا لنزولها منهم الطبري والبغوي وابن العربي وابن عطية والقرطبي وابن كثير والشنقيطي وابن عاشور.
قال ابن العربي:(وقد اختلف الناس في المراد بهذه الإفاضة على قولين:
أحدهما: أن المراد به من عرفات مخالفةً لقريش، قاله الجماعة.
الثاني: المراد به من المزدلفة إلى منى، قاله الضحاك وإنما صار إلى ذلك لأنه رأى الله تعالى ذكر هذه الإفاضة بعد ذكره الوقوف بالمشعر الحرام، والإفاضة التي بعد الوقوف بالمشعر الحرام هي الإفاضة إلى منى). اهـ.
وقد اختلف العلماء في الجواب عن هذا الإشكال على أقوال:
الأول:(أن هذا من المقدم الذي معناه التأخير، والمؤخر الذي معناه التقديم، قاله الطبري). اهـ.
والمعنى على هذا: ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس فإذا أفضتم من عرفات مع الناس فاذكروا الله عند المشعر الحرام.
الثاني:(أن لفظة ثم للترتيب الذكري بمعنى عطف جملة على جملة وترتيبها عليها في مطلق الذكر ونظيره قوله تعالى: (فَكُّ رَقَبَةٍ (١٣) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (١٥) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (١٦) ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (١٧). ومنه قول الشاعر: