وهذا يخالف النص الصحيح الصريح من سنة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على أن المراد بالصلاة الوسطى صلاة العصر فقد أخرج الشيخان واللفظ لمسلم عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم الأحزاب:(شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملأ اللَّه بيوتهم وقبورهم نارًا) ثم صلاها بين العشائين بين المغرب والعشاء.
وبهذا يتبين أن حديث زيد بن ثابت غير محفوظ فلا يستقيم الاحتجاج به على السببية، إذ مقتضى الاستدلال به أن نضرب بكتاب اللَّه سنةَ رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصحيحة وهذا أمر يبرأ منه من له أدنى حظ من علم أو إيمان واللَّه المستعان.
وعند النظر في حديث زيد بن أرقم - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يظهر لنا الإشكال التالي:
وهو أن ظاهر الحديث أن تحريم الكلام في الصلاة إنما كان في المدينة لأن الآية مدنية بالاتفاق وهذا يخالف بظاهره حديث ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فقد روى الشيخان عنه - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: كنا نسلِّم على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو يصلي فيردّ علينا فلما رجعنا من عند النجاشي، سلمنا عليه فلم يرد علينا فقلنا: يا رسول اللَّه، إنا كنا نسلم عليك فترد علينا؟ قال: إن في الصلاة شغلاً.
وهذا يدل على أن تحريم الكلام في الصلاة سابقٌ للهجرة إلى المدينة لأن هجرتهم إلى الحبشة قبلها قطعًا فما الجواب؟
فالجواب من خمسة أوجه:
أولاً: (أن زيد بن أرقم أراد بقوله: كان الرجل يكلم أخاه في حاجته في الصلاة، الإخبار عن جنس الكلام واستدل على تحريم ذلك بهذه الآية بحسب ما فهمه منها.