الطبري ذهب إلى صلة الآية بما قبلها فقال:(يعني بذلك تعالى ذكره: ليقطع طرفاً من الذين كفروا، أو يكبتهم، أو يتوب عليهم، أو يعذبهم فإنهم ظالمون ليس لك من الأمر شيء، فقوله: (أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) منصوب عطفاً على قوله: (أَوْ يَكْبِتَهُمْ). اهـ.
ثم ساق حديث أنس وذكر من القائلين به ابن عبَّاسٍ، والحسن، وقتادة، والربيع بن أنس.
وما ذُكر يشير إلى اختياره لحديث أنس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في سبب نزولها.
وقال السعدي:(لما أُصيب - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم أحد، وكسرت رباعيته وشج في رأسه جعل يقول: كيف يفلح قوم شجوا وجه نبيهم، وكسروا رباعيته فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية وبيّن أن الأمر كله للَّه، وأن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليس له من الأمر شيء؛ لأنه عبد من عبيد اللَّه، والجميع تحت عبودية ربهم مدبَّرون لا مدبرون.
وهؤلاء الذين دعوت عليهم أيها الرسول، أو استبعدت فلاحهم وهدايتهم إن شاء اللَّه تاب عليهم، ووفقهم للدخول في الإسلام، وقد فعل فإن أكثر أولئك هداهم اللَّه فأسلموا.
فالسعدي - رحمه الله - وإن كان قدم حديث أنس، إلا أنه أشار إلى حديث ابن عمر في قوله: وهؤلاء الذين دعوت عليهم أيها الرسول. فإن حديث أنس خلا من الدعاء على أحد.
أما الطاهر بن عاشور فرد حديث أنس بأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يدّع لنفسه شيئاً أو عملاً حتى يقال:(لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ).
وردَّ حديث ابن عمر بحديث ورد فيه قولُه:(إني لم أبعث لعاناً) ولم يعزه وبما ثبت من خُلُقه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه كان لا ينتقم لنفسه.