هكذا جاء في سبب نزول الآية وقد أورد المفسرون هذا الحديث وجعلوه من أسباب نزول الآية منهم الطبري والبغوي وابن عطية والقرطبي، وغيرهم.
وقد ذكر المفسرون أيضاً في نزولها قصة أبي بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مع فنحاص اليهودي وأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعث أبا بكر الصديق إلى فنحاص يستمده، وكتب إليه بكتاب، وقال لأبي بكر:(لا تفتاتن عليّ بشيء حتى ترجع) فجاء أبو بكر وهو متوشح بالسيف، فأعطاه الكتاب، فلما قرأه قال: قد احتاج ربكم أن نمده، فهمَّ أبو بكر أن يضربه بالسيف ثم ذكر قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا تفتاتن عليَّ بشيء حتى ترجع، فكف ونزلت:(وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ .. ) إلى قوله: (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ).
وقد تبين من دراسة الإسنادين أن حديث كعب بن الأشرف مرسل، وحديث فنحاص اليهودي في قصة أبي بكر فيه انقطاع وإرسال، وبهذا يسقط الاحتجاج بهما على السببية وربما كان هذا هو السبب في إعراض ابن كثير - رحمه الله - عن هذين الحديثين حيث لم يذكرهما مع أنه شديد العناية بالروايات وأسانيدها، ولعل مما يعين على هذا الظن ويومئ إليه قوله - رحمه الله - عند هذه الآية:(يقول تعالى للمؤمنين عند مقدمهم المدينة قبل وقعة بدر مسلياً لهم عما ينالهم من الأذى من أهل الكتاب والمشركين وآمراً لهم بالصفح والصبر والعفو حتى يفرج اللَّه فقال تعالى: (وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) ثم ساق حديث أسامة بن زيد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - حين أردفه في عيادته لسعد بن عبادة فذكر الحديث إلى أن قال: فقال عبد الله بن أبي ابن سلول: أيها المرء إنه لا أحسن مما تقول إن كان حقًا، فلا تؤذنا به في مجالسنا، ارجع إلى رحلك فمن جاءك فاقصص عليه فقال عبد اللَّه بن رواحة: بلى يا