وأسلموا ... إلى أن قال: فكانت الإشارة إليهم في هذه الآية تذكيرًا بفضلهم.
وهي من آخر ما نزل ولم يعرف قوم معينون من النصارى أسلموا في زمن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولعل اللَّه أعلم رسوله بفريق من النصارى آمنوا - بمحمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في قلوبهم ولم يتمكنوا من لقائه ... إلى أن قال: ولعل هؤلاء كان منهم من هو بأرض الحبشة أو باليمن. ولا شك أن النجاشي أصحمة منهم) اهـ.
وقد ذهب الطبري إلى عدم تعيين هؤلاء فقال بعد أن ذكر أقوالاً:(والصواب في ذلك من القول عندي أن اللَّه تعالى وصف صفةَ قوم قالوا: إنا نصارى، أن نبي اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يجدهم أقرب الناس وداداً لأهل الإيمان باللَّه ورسوله ولم يسم لنا أسماءهم، وقد يجوز أن يكون أُريد بذلك أصحاب النجاشي، ويجوز أن يكون أُريد به قوم كانوا على شريعة عيسى، فأدركهم الإسلام فأسلموا، لما سمعوا القرآن، وعرفوا أنه الحق، ولم يستكبروا عنه) اهـ.
والصواب - واللَّه أعلم - أن يقال: إن أُريد بقوله نزلت هذه الآية في النجاشي وأصحابه أنها تقص قصصهم وتتحدث عنهم فهذا صحيح ولهذا (روى ابن إسحاق عن أم سلمة - رضي الله عنها - في قصة الهجرة قالت: فقرأ (أي جعفر) عليه صدراً من (كهيعص) قالت: فبكى واللَّه النجاشي حتى اخضلَّت لحيته، وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم، حين سمعوا ما تلا عليهم) اهـ.
وإن أُريد بالنزول هنا ما اصطلح عليه العلماء فليس بصحيح ولهذا قال ابن كثير: (قال علي بن أبي طلحة عن ابن عبَّاسٍ: نزلت هذه الآيات في النجاشي وأصحابه حين تلا عليهم جعفر بن أبي طالب القرآن بكوا حتى