تقالُّوها، فقالوا: وأين نحن من النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قد غفر اللَّه له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال أحدهم: أما أنا فإني أُصلي الليل أبداً، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً فجاء رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال:(أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأُصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني.
وَخرَّجَا عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه- قال: رد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على عثمان بن مظعون التبتل ولو أذن له لاختصينا) اهـ محل الشاهد.
وكلام القرطبي ربما يشعر بأن الآية لم تنزل بسبب الأحاديث المذكورة في سببها لأنه ساق أحاديث لا صلة لها بنزول الآية.
وقد يؤيد ما ذهب إليه ما روى البخاري عن عبد الله بن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: كنا نغزو مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وليس لنا شيء، فقلنا: ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك، ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب، ثم قرأ علينا:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ).
لكن الناظر في حديث ابن عبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - يجد أنه يطابق الآية مطابقة كاملة.