للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذلك أنه كان في سنة تسع من الهجرة نزلت قضية: هي أن رجلين أحدهما تميم الداري اللخمي، والآخر عدي بن بداء، كانا من نصارى العرب تاجرين، وهما من أهل دارين، وكانا يتجران بين الشام، ومكة، والمدينة. فخرج معهما من المدينة بُديل بن أبي مريم مولى بني سهم - وكان مسلماً - بتجارة إلى الشام، فمرض بديل (قيل في الشام وقيل في الطريق براً أو بحراً) وكان معه في أمتعته جام من فضة مخوَّص بالذهب قاصداً به ملك الشام، فلما اشتد مرضه أخذ صحيفة فكتب فيها ما عنده من المتاع والمال ودسَّها في مطاوي أمتعته ودفع ما معه إلى تميم وعدي وأوصاهما بأن يبلّغاه مواليَه من بني سهم، وكان بديل مولى للعاصي بن وائلٍ السهمي، فولاؤه بعد موته لابنه عمرو بن العاص.

وبعض المفسرين يقول: إن ولاء بُديل لعمرو ابن العاصي والمطلب بن وداعة، ويؤيد قولهم أن المطلب حلف مع عمرو بن العاصي على أن الجام لبديل بن أبي مريم. فلما رجعا باعا الجام بمكة بألف درهم ورجعا إلى المدينة فدفعا ما لبديل إلى مواليه. فلما نشروه وجدوا الصحيفة فقالوا لتميم وعدي: أين الجام فأنكرا أن يكون دفع إليهما جامًا. ثم وجد الجام بعد مدة يباع بمكة فقام عمرو بن العاصي والمطلب بن أبي وداعة على الذي عنده الجام فقال: إنه ابتاعه من تميم وعدي.

وفي رواية أن تميماً لما أسلم في سنة تسع تأثم مما صنع فأخبر عمرو بن العاصي بخبر الجام ودفع إليه الخمسمائة درهم الصائرة إليه من ثمنه، وطالب عمرو عدياً ببقية الثمن فأنكر أن يكون باعه. وهذا أمثل ما روي في سبب نزول هذه الآية ... إلى أن قال: واتفقت الروايات على أن الفريقين تقاضوا في ذلك إلى رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ونزلت هذه الآية في ذلك، فحلف عمرو بن العاصي والمطلب بن أبي وداعة على أن تميمًا وعديًا أخفيا الجام، وأن بُديلاً صاحبه وما باعه ولا خرج من يده، ودفع لهما عدي خمسمائة درهم وهو يومئذ نصراني) اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>