للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لما نزل: (لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ) بعد أن اشتد عليهم: أي رسول اللَّه كلفنا من الأعمال ما نطيق الصلاة والصيام والجهاد والصدقة، وقد أُنزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها ... إلى أن قالوا: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير، فلما اقترأها القوم وذلت بها ألسنتهم أنزل اللَّه في إثرها: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ) ونظير ذلك أمرهم بتقديم الصدقة عند مناجاة رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثم لما رأى تبارك وتعالى شفقة المؤمنين ومشقة الصدقات عليهم عند كل مناجاة سهل الأمر عليهم ولم يؤاخذهم بترك الصدقة بين يدي المناجاة.

فإن قال قائل: ما قولك في قوله تعالى: (الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا) فالضعف يظهر عند التطبيق، والتخفيف بعده، وأنت صححت قول ابن العربي في أن هذا لم يقع؟

فالجواب: أن الضعف يظهر بالقول كما يظهر بالفعل، وفي القصة الأولى أظهر الصحابة ضعفهم بأقوالهم فقالوا: (وقد أُنزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها).

وإذا كان الأمر كذلك فإني لا أرى ما يمنع أن يكون ثبات الواحد للعشرة من هذا الباب فلما شق على المسلمين فرضُ ذلك عليهم نسخه اللَّه بقوله: (الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا).

ولعل مما يؤيد قولي: قوله: (شق ذلك على المسلمين)، وقوله: (جهد الناس ذلك وشق عليهم) فإن هذا يشير إلى أن التخفيف جاء سريعاً. ولم يتأخر كما اختاره الزمخشري، وهذا من رحمة اللَّه بهذه الأمة التي رفع عنها الآصار والأغلال التي كانت على غيرهم ممن سبقهم. بل روح الشريعة وقلبها، وبها اليسر والسماحة ورفع الخرج، فالحمد للَّه أولاً وآخراً، وظاهرًا، وباطناً.

* النتيجة:

أن سبب نزول قوله: (الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ) أنه قد شق على المسلمين

<<  <  ج: ص:  >  >>