هذا الكتاب من أقوم كتب التفسير وأشهرها، وعليه يُعول، وإليه يرجع فهو إمام كتب التفسير بلا منازع قال شيخ الإسلام ابن تيمية:(وأما التفاسير التي في أيدي الناس فأصحها تفسير محمد بن جرير الطبري، فإنه يذكر مقالات السلف بالأسانيد الثابتة، وليس فيه بدعة، ولا ينقل عن المتهمين كمقاتل بن بكير، والكلبي).
وقال عنه أيضاً:(وهو من أجل التفاسير وأعظمها قدرًا) اهـ.
وهذا التفسير وإن اشتُهر عنه أنه من كتب التفسير بالمأثور إلا أن مؤلفه لم يقتصر فيه على المأثور عن السلف بل كان له فيه صولة وجولة ورأي ونظر.
أما منهجه في تفسيره فإنه إذا أراد تفسير الآية يقول: القول في تأويل قوله تعالى كذا وكذا ثم يذكر أحد المعاني في تفسيرها ثم يستشهد على ذلك بما يرويه عن السلف في ذلك المعنى، فإن كان في الآية قولان فأكثر فإنه يعرض كل قول على حدة ثم يمضي في سرد الروايات عن السلف في ذلك المعنى مسندة فإن كان للآية سبب نزول بدا به قبل غيره، وفي ذلك يقول:(وأول ما نبدأ به من القول في ذلك الإبانة عن الأسباب التي البداية بها أولى، وتقديمها قبل ما عداها أحرى).
والطبري من المكثرين من أسباب النزول، فلا تكاد تمر آية وفيها سبب نزول إلا أورده مسندًا، وبأكثر من إسناد، معزوًا لمن قاله من الصحابة والتابعين ثم يتحول بعد ذلك إلى الترجيح والتعليل.
ومن منهج الطبري أنه يفسر القرآن بالقرآن، وبالسنة، وأقوال الصحابة والتابعين وباللغة.
وله عناية فائقة في القراءات فيوردها، ويرجح بينها، وليس بغريب أن يكون كذلك لأنه من علماء القراءات المشهورين.
كما أنه يورد أقوال الفقهاء في آيات الأحكام، وينفرد أحيانًا ببعض الآراء مؤيدًا قوله بالدليل.