وقال ابن عاشور:(وأما ما روي في أسباب النزول أن هذه الآية نزلت في استغفار النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأبي طالب أو أنها نزلت في سؤاله ربه أن يستغفر لأمه آمنة حين زار قبرها بالأبواء فهما خبران واهيان لأن هذه السورة نزلت بعد ذلك بزمن طويل) اهـ.
ولم يكتف بتوهية الحديث الثابت في الصحيحين بل زاد على ذلك قولاً لم يدل عليه دليل صحيح فقال:(ولعل المسلمين لما سمعوا تخيير النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الاستغفار للمشركين ذهبوا يستغفرون لأهليهم وأصحابهم من المشركين طمعاً في إيصال النفع إليهم في الآخرة فأصبح ذلك ذريعةً إلى اعتقاد مساواة المشركين للمؤمنين في المغفرة فينتفي التفاضل الباعث على الرغبة في الإيمان فنهى الله النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والمؤمنين معاً عن الاستغفار للمشركين بعد أن رخصه للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خاصة في قوله: (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ) اهـ.
وتبعهم على ذلك الحافظ ابن حجر فقد ذكر عدداً من التعليلات أسوقها باختصار:
١ - (قال ويظهر أن المراد أن الآية المتعلقة بالاستغفار نزلت بعد أبي طالب بمدة، ويوضح ذلك ما سيأتي في التفسير بلفظ (فأنزل اللَّه بعد ذلك)(مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا).
٢ - أن وفاة أبي طالب كانت بمكة قبل الهجرة اتفاقًا. يعني والآية مدنية.
٣ - ثبت أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أتى قبر أمه لما اعتمر فاستأذن ربه أن يستغفر لها فنزلت هذه الآية. والأصل عدم تكرر النزول. اهـ.
هذا خلاصة ما احتج به على ذلك، وقوله هذا يتضمن قول الحسين بن الفضل وابن عاشور وحينئذٍ سيكون البحث فيما ذكر جواباً للجميع.
أما قوله:(سيأتي في التفسير بلفظ (فأنزل اللَّه بعد ذلك) فلم أجد هذا في التفسير لا في سورة براءة ولا في سورة القصص.