ومنها حديث بريدة: قال كنت مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذ وقف على عسفان فنظر يميناً وشمالاً فأبصر قبر أمه آمنة فذكر الحديث.
ومنها حديث ابن عبَّاسٍ أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما أقبل من غزوة تبوك اعتمر فذكر الحديث.
قال ابن كثير:(وهذا حديث غريب وسياق عجيب).
وهذه الأحاديث الثلاثة قد أوردها السيوطي في الدر المنثور.
ومع هذه الغرابة التي ذكرها العلماء في هذه الأحاديث. فقد روى مسلم من حديث أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: قال رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي، واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي).
وفي لفظ آخر: قال: زار النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قبر أمه فبكى وأبكى من حوله فقال:(استأذنت ربي في أن استغفر لها فلم يؤذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأُذن لي فزوروا القبور فإنها تذكر الموت).
فهذا حديث زيارته واستئذانه في الاستغفار وليس فيه ذكر لنزول الآية، فكيف يقال ثبت من أحاديث تقدم حالها، ويترك هذا الحديث، وحديث المسيب في قصة مرض أبي طالب؟
وإذا ثبت هذا فاعلم أن قصة ألى طالب في مرضه ووفاته وقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (لأستغفرن لك ما لم أنه عنك) هي سبب نزول هاتين الآيتين الكريمتين.
والذي حمل النبى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على هذا علمه - عليه الصلاة والسلام - بقول إبراهيم لأبيه:(قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا) فظن