هكذا جاء في سبب نزول الآية الكريمة، وقد أورد ابن العربي الحديث بنصه، وجمهور المفسرين بألفاظ مقاربة.
قال الطبري:(يقول تعالى ذكره للمؤمنين: وإن عاقبتم أيها المؤمنون من ظلمكم واعتدى عليكم فعاقبوه بمثل الذي نالكم به ظالمكم من العقوبة، ولئن صبرتم عن عقوبته، واحتسبتم عند اللَّه ما نالكم به من الظلم ووكلتم أمره إليه حتى يكون هو المتولي عقوبته لهو خير للصابرين. وقد اختلف أهل التأويل في السبب الذي من أجله نزلت هذه الآية فقال بعضهم: نزلت من أجل أن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه أقسموا حين فعل المشركون يوم أُحد ما فعلوا بقتلى المسلمين من التمثيل بهم أن يجاوزوا فعلهم في المُثلة بهم إن رزقوا الظفر عليهم يومًا فنهاهم الله عن ذلك بهذه الآية، وأمرهم أن يقتصروا في التمثيل بهم إن هم ظفروا على مثل الذي كان منهم) اهـ بتصرف يسير.
وقال البغوي:(هذه الآيات نزلت بالمدينة في شهداء أحد) اهـ ثم ساق الحديث.
وقال ابن عطية:(أطبق أهل التفسير أن هذه الآية مدنية نزلت في شأن التمثيل بحمزة في يوم أحد ... ثم ذكر الحديث) اهـ.
وقال الشنقيطي:(نزلت هذه الآية الكريمة من سورة النحل بالمدينة في تمثيل المشركين بحمزة ومن قتل معه يوم أحد، فقال المسلمون: لئن أظفرنا الله بهم لنمثلن بهم فنزلت الآية الكريمة فصبروا لقوله تعالى: (لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ) مع أن سورة النحل مكية إلا هذه الآيات الثلاث من آخرها) اهـ.
وقال ابن عاشور:(ويجوز أن تكون نزلت في قصة التمثيل بحمزة يوم أحد وهو مروي بحديث ضعيف للطبراني، ولعله اشتبه على الرواة تذكر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الآية حين توعد المشركين بأن يمثل بسبعين منهم إن أظفره الله بهم) اهـ.