الذي رويناه عن أبي معمر عنه، وذلك أن اللَّه تعالى ذكره أخبر عن الذين يدعوهم المشركون آلهةً أنهم يبتغون إلى ربهم الوسيلة في عهد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومعلوم أن عزيراً لم يكن موجوداً على عهد نبينا - عليه الصلاة والسلام -، فيبتغي إلى ربه الوسيلة، وأن عيسى قد كان رفع وإِنَّمَا يبتغي إلى ربه الوسيلة من كان موجوداً حياً يعمل بطاعة الله، ويتقرب إليه بالصالح من الأعمال) اهـ.
وقال ابن عاشور:(لم أرَ لهذه الآية تفسيراً ينثلج له الصدر، والحيرة بادية على أقوال المفسرين في معناها وانتظام موقعها مع سابقها) اهـ.
قال ابن حجر:(أي استمر الإنس الذين كانوا يعبدون الجن على عبادة الجن، والجن لا يرضون بذلك لكونهم أسلموا، وهم الذين صاروا يبتغون إلى ربهم الوسيلة، إلى أن قال: وهذا هو المعتمد في تفسير هذه الآية) اهـ.
وعندي - واللَّه أعلم - أن حديث ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ليس سبباً لنزول الآية الكريمة وبيان ذلك من وجوه:
الأول أن البخاري قد روى الحديث ومع ذلك فقد خلا لفظه من التصريح بنزول الآية، وفعله هذا يوجب التردد بالقول في السببية لا سيما إذا انضم إلى ذلك غيره.
الثاني: أنه لا يوجد حدث وقع بعينه، أو سؤال عن شيءٍ ما لتنزل الآية بسببه.
الثالث: أن الحديث وسياق الآيات ليس بينهما ائتلاف وموافقة يوجب أن يكون الحديث سبباً لنزول الآية.
فإن قال قائل: ما تقول في قول ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - نزلت في نفر من العرب؟
فالجواب: أن قول ابن مسعود لا يدل ضرورة على السببية، وإنما المراد أن الآية نزلت متحدثة عن أمر مذموم كان موجوداً بين العرب والجن كما تحدث القرآن كثيراً عن أحوال العرب في الجاهلية، ومن ذلك ما حكاه اللَّه في