قال الطبري:(يقول تعالى ذكره: وما منعنا يا محمد أن نرسل بالآيات التي سألها قومك إلا أن كان قبلهم من الأمم المكذبة، سألوا ذلك مثل سؤالهم، فلما أتاهم ما سألوا منه كذبوا رسلهم، فلم يصدقوا مع مجيء الآيات فعوجلوا، فلم نرسل إلى قومك بالآيات لأنا لو أرسلنا بها إليهم فكذبوا بها سلكنا في تعجيل العذاب لهم مسلك الأمم قبلهم وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل) اهـ ثم ساق الحديث.
وقال ابن عطية:(وسبب هذه الآية أن قريشاً اقترحوا على رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يجعل لهم الصفا ذهباً، واقترح بعضهم أن يزيل عنهم الجبال حتى يزرعوا الأرض فأوحى اللَّه إلى محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إن شئت أن أفعل ذلك لهم فإن تأخروا عن الإيمان عاجلتهم العقوبة، وإن شئت استأنيت بهم، عسى أن أجتبي منهم مؤمنين فقال رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بل تستأني بهم يا رب) اهـ.
وقال القرطبي:(إنهم طلبوا أن يحوّل اللَّه لهم الصفا ذهباً، وتتنحى الجبال عنهم فنزل جبريل وقال: إن شئت كان ما سأل قومك ولكنهم إن لم يؤمنوا لم يمهلوا، وإن شئت استأنيت بهم فقال: لا بل استأن بهم) اهـ.
وقال السعدي:(يذكر تعالى رحمته، بعدم إنزاله الآيات التي اقترحها المكذبون وأنه ما منعه أن يرسلها إلا خوفًا من تكذيبهم لها، فإذا كذبوا بها عاجلهم العقاب، وحل بهم من غير تأخير كما فعل بالأولين الذين كذبوا بها) اهـ.
وبهذا يتبين أن سبب نزول الآية سؤال قريش لرسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يأتيهم بما شاؤوا من الآيات، فلم يجابوا إلى طلبهم لأنهم لو أُجيبوا ولم يؤمنوا نزل بهم العذاب كما نزل بمن قبلهم من الأمم، وذكّرهم اللَّه بمثال قريب وهم ثمود قوم صالح، حيث كفروا بعد مجيء الآيات فأُهلكوا.
* النتيجة:
أن الحديث المذكور سبب نزول الآية الكريمة لصحة سنده، وموافقته لسياق القرآن، واحتجاج المفسرين به وتصريحه بالنزول. واللَّه أعلم.