وإما أن يكون متخذاً عهداً عند الله بالإيمان به واتباع رسله الذين عهد اللَّه لأهله وأوزع أنهم أهل الآخرة والناجون الفائزون.
فإذا انتفى هذان الأمران، علم بذلك بطلان الدعوى ولهذا قال تعالى:(كلا) أي: ليس الأمر كما زعم، فليس للقائل اطلاع على الغيب لأنه كافر ليس عنده من علم الرسل شيء ولا اتخذ عند الرحمن عهدًا لكفره وعدم إيمانه) اهـ.
وقال الشنقيطي:(والتقسيم الصحيح في هذه الآية الكريمة يحصر أوصاف المحل في ثلاثة، والسبر الصحيح يبطل اثنين منها ويصحح الثالث، وبذلك يتم إلقام العاص بن وائل الحجر في دعواه: أنه يؤتى يوم القيامة مالاً وولدًا.
أما وجه حصر أوصاف المحل في ثلاثة فهو أنا نقول: قولك إنك تؤتى مالاً وولدًا يوم القيامة لا يخلو مستندك فيه من واحد من ثلاثة أشياء:
الأول: أن تكون اطلعت على الغيب، وعلمت أن إيتاءك المال والولد يوم القيامة مما كتبه الله في اللوح المحفوظ.
والثاني: أن يكون الله أعطاك عهداً بهذا، فإنه إن أعطاك عهدًا لن يخلفه.
والثالث: أن تكون قلت هذا افتراءً على اللَّه من غير عهد ولا اطلاع غيب.
وقد ذكر تعالى القسمين الأولين في قوله: (أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا) مبطلاً لهما بأداة الإنكار، ولا شك أن كلا هذين القسمين باطل لأن العاص المذكور لم يطلع الغيب ولم يتخذ عند الرحمن عهدًا فتعين القسم الثالث) اهـ.
* النتيجة:
أن الحديث الذي معنا هو سبب نزول الآيات الكريمة لصحة سنده وتصريحه بالنزول، وموافقته لسياق القرآن، واتفاق المفسرين عليه. والله أعلم.