وقال ابن عاشورة (وهو وهم من بعض رواته، وكيف وهذه مكية، وقصة الحبر مدنية). اهـ.
ب - أن تقع المخالفة فيما نزل بعد الهجرة كان في أولها أم في آخرها وإليك الأمثلة:
١ - أخرج مسلم عن أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول حين يفرغ من صلاة الفجر من القراءة ويكبر، ويرفع رأسه (سمع اللَّه لمن حمده ربنا ولك الحمد) ثم يقول وهو قائم: (اللهم انج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة، والمستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مضر، واجعلها عليهم كسني يوسف، اللهم العن لحيان ورعلاً وذكوان وعصية عصت الله ورسوله) ثم بلغنا أنه ترك ذلك لما أُنزل: (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ (١٢٨).
وجه المخالفة: أن قصة رعل، ولحيان، وذكوان وعصية كانت لما قُتل القراء في بئر معونة وذلك في صفر من السنة الرابعة، والآية فى سياق غزوة أحد، فكيف يتقدم النزول على السبب؟
٢ - أخرج أبو داود والترمذي عن ابن عبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قال: نزلت هذه الآية: (وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ) في قطيفة حمراء فقدت يوم بدر، فقال بعض الناس: لعل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أخذها فأنزل اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ .. ) الآية.
أفاد ابن عاشور أن هذا الحديث لا يصح أن يكون سبباً لنزول الآية، إذ كيف تفقد القطيفة يوم بدر، ولا تنزل الآية لأجل هذا إلا يوم أحد مع أن بين الغزوتين سنة وشهرًا.
٣ - أخرج البخاري وأحمد عن عائشة - رضي الله عنها - زوج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قالت: