لكن منهم من ذكر التصريح بالنزول كابن عطية والقرطبي.
ومنهم من لم يذكر ذلك كابن كثير وابن عاشور.
وقال ابن حجر لما ذكر التصريح بالنزول:(واقتضت رواية شعبة هذه أن هذا السؤال سبب نزول الآية الأخرى التي في لقمان، لكن رواه البخاري ومسلم من طريق أخرى عن الأعمش وهو سليمان المذكور في حديث الباب. ففي رواية جرير عنه (فقالوا: أينا لم يلبس إيمانه بظلم؟ فقال: ليس بذلك ألا تسمعون إلى قول لقمان).
وفي رواية وكيع عنه:(فقال: ليس كما تظنون). وفي رواية عيسى بن يونس:(إنما هو الشرك، ألم تسمعوا إلى ما قال لقمان) وظاهر هذا أن الآية التي في لقمان كانت معلومةً عندهم، ولذلك ينبههم عليها، ويحتمل أن يكون نزولها وقع في الحال فتلاها عليهم ثم نبههم فتلتئم الروايتان) اهـ.
والظاهر - والله أعلم - أن الحديث ليس سبباً للنزول وأن التصريح بالنزول لا يصح لما يلي:
١ - أن أكثر الروايات خلت من التصريح بالنزول، ليس هذا فقط بل صرحت بخلافه:(ألم تسمعوا ما قال لقمان لابنه وهو يعظه) وهذا يدل على أن هذا معلوم عندهم.
٢ - أن آية لقمان في سياق النصيحة، ومثل هذا لا يناسب السببية، إذ لو كانت الآية نزلت جواباً لاستشكال الصحابة كما قال الله - عَزَّ وَجَلَّ - فيها:(وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ) إذ لا فائدة من ذلك.
٣ - أن احتمال نزول آية لقمان بعد سؤالهم. وقبل جواب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لهم بعيد عادةً.
* النتيجة:
أن الحديث المذكور ليس سبباً لنزول الآية الكريمة لعدم الدليل على ذلك، مع إعراض جمهور المفسرين عن ذكره والله أعلم.