قال ابن عطية:(قال ابن عبَّاسٍ سببها أن بعض المنافقين قال: إن محمداً له قلبان؛ لأنه ربما كان في شيء فنزع في غيره نزعةً ثم عاد إلى شأنه فقالوا ذلك عنه فنفاه اللَّه تعالى عنه) اهـ.
والظاهر - والله أعلم - أن الحديث المذكور ليس سبب نزول الآية لأمرين:
الأول: أن الحديث ضعيف فلا ينهض للاحتجاج به على السببية.
الثاني: أن سياقه فيه غرابة لأن قوله: (فخطر خطرة) معناه الوسوسة فكيف علم المنافقون، الوسوسة مع أن مكانها الصدر لقوله تعالى:(الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ).
ثم قوله في الحديث:(قلباً معكم وقلباً معهم) هذا مشكل لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جُعلت الصلاة قرة عينه وهو أتقى الخلق وأخشاهم للَّه فكيف يقال:(قلباً معكم)؛ لأن الحديث عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حال الصلاة. ثم قوله:(وقلباً معهم) من هم هؤلاء؟
فإن قيل: ما سبب نزولها إذن؟
فالجواب: قال ابن عطية: (ويظهر من الآية أنها بجملتها نفي لأشياء كانت العرب تعتقدها في ذلك، وإعلام بحقيقة الأمر فمنها أن بعض العرب كانت تقول إن الإنسان له قلبان قلب يأمره وقلب ينهاه وكان تضاد الخواطر يحملها على ذلك. وذكر كلامًا إلى أن قال: وكانت العرب تعتقد الزوجة إذا ظوهر منها بمنزلة الأم وتراه طلاقاً وكانت تعتقد الدعي المتبنى ابناً فأعلمَ الله تعالى أنه لا أحد بقلبين) اهـ.